Page 17 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 17
15
الذي يعنينا تأمله في ظل هذه القاعدة الخاصة رمضان بسطاويسي محمد
بالكفاءة القرائية للنصوص القصيرة ،خاصة
الغامضة منها ،هو تبادل التفاعل المجازي
والتراسل الكشفي بين الإشراقة الشعرية
والحلم ،بحيث تبدو القصيدة الأنثى في تجليات
لها ثمرة التفاعل والامتزاج بينهما ،ويتحقق ذلك
عبر جسد نصي وقصيدة نثر من أولى خصائصها
النوعية التحري الجمالي لآليات التكثيف والإيجاز،
وهما صلب المفهوم السيكولوجي للحلم ،وبؤرة
عمل الإشراقة الشعرية في آن
َحتَّى َم ْط َل ِع ال َو ْق ِت ال َح َرام؟»(.)14 تكسير البنيات الإيقاعية المتوقعة ،ومزج
في نص مثل هذا ،وغيره من نصوص الديوان ،نحن داخلي لشظايا وزنية ،وحتى حركة
أمام ذات شعرية تصنعها اللغة بكثافتها الدلالية، القافية التي تظهر في عدد من النصوص تسير ضد
مما يعني أن إقامة اتصال من أي نوع مع هذا مبدأ الاضطراد والاستمرار ،هذا على صعيد الأداء
النص يعني تأسيس سياق خاص ،هذا السياق
الإيقاعي ،أما على صعيد الأداء الداخلي والنبرة
تتفاعل فيه قدرة المجاز على تجذير ذوات جديدة الشعرية ،فقصائد الديوان لا تتغنى بمشاعر ،جلية
ليس من شأنها حمل الناي والطرب الجمعي ،بل بل تتشابك فيها انطباعات غامضة ،وتوتر دلالي بين
تمثل عدم الملاءمة الدلالية بين علاقات الإسناد المعاني والمفردات ،بل تغزل شعريتها من تخطي
مناوأة للمحاكاة والتمثيل .فهذه ذات شعرية الحدود المعجمية للكلمات لتفجر طاقاتها المجازية،
لتصبح القصيدة وجها من وجوه الشرود في لحظة
متجذرة في اللغة ،تصنعها الكلمات وانحرافاتها غائمة للإبداع ،ولعل هذا المعنى ما يمكن تلمسه في
المظلمة والمضيئة في آن؛ لذلك تؤكد مناوأتها الغناء
قصيدته «تهمي» حين يقول:
عبر التوتر في صنع أنثى تتجاوب فيها علاقات « َتن َس ُّل ِمنِّي
الإبهام بين حركة فعلية وختام بالسؤال ،فخروجها
ِف اللَّ ْح َظ ِة ال َغا ِئ َمة:
مرتبط بتوالد محكوم بالغياب ،حيث تعطي كلمات ُغ َبا َر ِذ ْك َر َيات،
غبار /احتضار /غيوم انطبا ًعا قو ًّيا بالتلاشي
والسلب أكثر من الإيجاب ،فظهورها يأتي على َوا ْحتِ َضا َر ُل َغات،
انقاض رماد ذكريات وموت لغات ومجازات َو ُغ ُيو ًما َم ْس ُمو َم ًة ِمن َكل َام.
مندثرة ،فتبدو حركة الا ْن ِسلال مرتبطة باللحظة َو َت ْه ِمي ِف ال ِج َها ِت ال َقا ِد َمة:
الغائمة أي بالزمن ،ويأتي انسيابها متدف ًقا في
ُق ْط َعا َن أ ْو َها ٍم َذ ِبي َحة،
الجهات القادمة أي المكان ،صنو الحركة السابقة، َو َب َقا َيا َظل َام.
حيث تبدو مغلفة بالغموض والوهم .هنا ينفجر
السؤال الشعري في حركة الرؤيا كلها التي لا َهل ُكن ُت َنا ِئ ًما َع َل ِم َيا ٍه َنا ِد َمة؟
أم
ُكن ُت أ ْح َت ِذي َد ِمي ال َخ ُئون