Page 13 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 13

‫‪11‬‬                 ‫إبداع ومبدعون‬

                   ‫رؤى نقدية‬

                                                                                              ‫من فعل الباصرة إلى فعل‬

                                                                                              ‫البصيرة‪ ،‬ومن الرؤية إلى‬

                                                                                              ‫الرؤيا‪ ،‬ومن الصحو إلى جلوة‬

                                                                                              ‫الحلم‪ ،‬فتصبح تلك الظواهر‬

                                                                                              ‫الكونية (أشياء صغيرة تومئ‬

                                                                                              ‫لي)‪ ،‬في إشراقها الشعري‬

                                                                                              ‫وتألقها الجمالي‪ ،‬لكن القصيدة‬

                                                                                              ‫لا تسلمنا لهذا الانطباع‬

                                                                                              ‫المتماسك حتى النهاية‪ ،‬بل‬

                                                                                              ‫تصدمنا بالواقع الإحالي الذاتي‬

                                                                                              ‫واليومي لنجد أنفسنا أمام‬

                                                                                              ‫مشهد علبة السجائر الشخصية‬

                                                                                              ‫خاوية‪ ،‬ومعها يمضي الشاعر‬

                                                                                              ‫في حياته بعدما أفاق من عالم‬

                                                                                              ‫النعاس لعالم الواقع لتحدث‬

‫محمود أمين العالم‬  ‫مايكل ريفاتير‬  ‫نورثروب فراي‬                                                  ‫القصيدة صدمتها الجمالية‬
                                                                                              ‫المرادة من المفارقة بين الكون‬

   ‫المجازي والتراسل بين القصيدة والحلم في نص‬                                                                           ‫الصغير والكون الكبير‪.‬‬
‫(ذئبة) إذ يقدم الغموض الناشئ عن التلاقي الحميم‬                                                ‫وتصلح هذه القصيدة مدخ ًل جي ًدا لفهم تلك الأنثى‬
                                                                                               ‫التي تتبدى في أغلب القصائد موازية لفعل القبض‬
    ‫بين الطرفين‪ ،‬في نسق تصوري تشده المفارقة‪،‬‬
                                                                                                  ‫على الومضة ذاتها‪ ،‬أو إشراقة الخلق الإبداعي‪،‬‬
                                ‫تقول القصيدة‪:‬‬
                         ‫ِذئ َب ٌة َتأ ِوي إِ َل ح ْضنِي‪،‬‬                                     ‫فمن أعراف أو مواضعات القصيدة الغنائية‪ ،‬والتي‬
                   ‫لُِكَتن ْ ُست ِر َأ َ ْقعلُ ِوم‪،‬ن َد ِمي ُح ْل ًما َو ِري َفا‪.‬‬
                       ‫َأ َواول ُل ََّغس ٌَةما ُتُء َفتَِّغ ُِرشي ِم َعَينالَي ِدِّس ِّري‪،‬ي‪،‬‬  ‫تبدو «مفيدة بصورة خاصة في القصائد الغامضة‬
                       ‫َف َن َس ْي ُت َن ْف ِسي ِف ال َع َرا ِء‪،‬‬
                        ‫َم َن ْح ُت َها َس ْه ِوي ال َج ِميل‪،‬‬                                    ‫أو القصائد الصغيرة ‪ ،minimal poems‬حين‬
                   ‫َأ َب ْح ُت ِمن َما ِئي َل َها َو ْقتًا َألِي َفا‪.‬‬
                                                                                                ‫تكون الحقيقة الوحيدة المؤكدة لدينا هي تقديمها‬

                                                                                                ‫بوصفها قصائد‪ ،‬حينئذ تكون هناك قاعدة تقول‬

                                                                                              ‫بأن القصائد تكون ذات دلالة إذا كان باستطاعتنا‬
                                                                                                  ‫قراءتها بوصفها استبصارات أو كشو ًفا حول‬
                                                                                                                              ‫الشعر ذاته»(‪.)7‬‬
                                                                                                ‫والذي يعنينا تأمله في ظل هذه القاعدة الخاصة‬

                       ‫ُح ْل ٌم َو َذا ِك َر ٌة ِم َن اللاَّ ِرنج‪،‬‬                                  ‫بالكفاءة القرائية للنصوص القصيرة‪ ،‬خاصة‬
                   ‫ِذ ْئ َب ٌة َتن َس ُّل ِخن َج ًرا ِم َن ال َّظل َا ِم‪،‬‬                     ‫الغامضة منها‪ ،‬هو تبادل التفاعل المجازي والتراسل‬

                                     ‫َأو َخ ِري َفا‪.‬‬                                               ‫الكشفي بين الإشراقة الشعرية والحلم‪ ،‬بحيث‬
                       ‫َو ِف ال َم َدى ال َم ْف ُتو ِح‪َ ،‬أ ْص َع ُد‬                             ‫تبدو القصيدة الأنثى في تجليات لها ثمرة التفاعل‬
                                                                                                 ‫والامتزاج بينهما‪ ،‬ويتحقق ذلك عبر جسد نصي‬
                                 ‫َش ْه َق ًة َش ْه َباء‪،‬‬                                       ‫وقصيدة نثر من أولى خصائصها النوعية التحري‬
                                            ‫َأو‬
                                            ‫َو ْع ًل َط ِفي َفا‪.)8(.‬‬                               ‫الجمالي لآليات التكثيف والإيجاز‪ ،‬وهما صلب‬
                   ‫النموذج المسيطر على النص شعر ًّيا دال على‬
                                                                                               ‫المفهوم السيكولوجي للحلم‪ ،‬وبؤرة عمل الإشراقة‬
                                                                                              ‫الشعرية في آن‪ .‬ولنا أن نعاين هذا التبادل والتفاعل‬
   8   9   10   11   12   13   14   15   16   17   18