Page 19 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 19
17 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
يوري لوتمان جوناثان كلر َف َط ْل َق ًة،
َو َي ْت ُر ُكنِي ِف ال َع َراء.
مثل يوري لوتمان يضع «الخطاب الشعري في َتن ُمو َع َل َج َس ِدي ال ُّط ُيو ُر:
مقابل ثلاثة أنواع من (الضبط الذاتي) وهو يعني
َص ْر َخ ًة،
بالضبط الذاتي شيئًا مشاب ًها لما يعنيه رتشاردز َف َص ْر َخ ًة،
بفكرة (الاستجابة الأصلية) .وهذه الأنواع هي: َو َي ْس َتبِي ُحنِي ال َف َضاء(.)19
فالصرخة شكل من أشكال ال ُس ْلوان على حدة
-1الضبط الذاتي للغة؛ الوحدة المدمرة ،ونداء من قاع الهاوية ،وصوت
-2الضبط الذاتي للحس العام؛ آثم من قاع الجحيم ،في «عراء» يستباح في فضائه
-3الضبط الذاتي لصورتنا المكانية -البصرية عن الشاعر ،وتحلق فيه طيوره على إيقاع الصرخات
المتعاقبة.
العالم،
وباختراقه لعطالة هذه الأنظمة الثلاثة -التي هي -4-
الأنماط المعروفة في الإدراك والفكر والكلام- إن حركة هذه الإشراقات أو الومضات الشعرية
يصحب الشاعر القصيدة إلى العمل»(.)20 القصيرة ينبع من نصية مزدوجة :فهي حوار
جدلي مع بنيات الشعر ،يرتكز على فكرة ذهنية
وباستطاعة القارئ معاينة تلك الاختراقات
لطرائق الضبط المعتادة في شعر رفعت سلام ،بل وتجارب تقبض على بعض فيضها ،أو مراوغاتها
رؤيتها مكو ًنا مركز ًّيا لشعرية نصوصه ،اعتما ًدا في ألقها وفرارها ،لحظة تجليها واستعصائها.
على قيادتها نحو صورة مغايرة للتلقي والفهم وفي الوقت ذاته ،تكتنز تلك النصوص بصور دالة
والتفسير ،إذ تتوزع تلك الاختراقات لهذه العناصر على السأم اليومي وجذاذات وشظايا لبقايا المكان
والزمن محو ًل إلى فراغ وفوضى وأحداث مفتتة
الثلاثة بصورة قصدية ليكتسب النص الشعري ومستعصية على التماسك والترابط المنطقي .وهنا
تشاكله الرؤيوي وانسجامه الجمالي عبر التداخل تتوزع أنساق دالة على الحزن والانكفاء والانطفاء،
بين انزياح تلك الضوابط. وفي ظل هذا الازدواج النصي تخترق الرسالة
وحتى لا يظل حديثنا هنا تنظير ًّيا صر ًفا يمكننا الشعرية حدود العالم الواقعي وتصنع مفارقتها
ممارسة التحليل لأحد قصائد ديوانه الذي بين
الجمالية.
ومن الممكن القبض على بعض من جماليات هذا
الازدواج النصي وإظهار الرسالة الجمالية التي
ترتكز عليها النصوص /الومضات في اختراقها
لحدود العالم الحقيقي وإقامة عالمها الخاص ،وذلك
تأسي ًسا على الوعي بالإيقاع الدلالي المكون لها ،في
وقوعه في حالات تجاذب وتنافر ومفارقة مع العالم
الواقعي.
هذه المفارقة تظهر بوضوح عندما نرى القصائد
الشعرية تعمل على تجاوز القواعد السائدة في
تصور الأشياء والأماكن والمفاهيم وإعادة تشكيها
سيميائيًّا .والتي تمثل قاعدة أساس لعمل الشعر،
فهذه القاعدة الجمالية للشعر جعلت ناق ًدا سيميائيًّا