Page 28 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 28

‫العـدد ‪26‬‬                                                             ‫‪26‬‬

                                                                                        ‫فبراير ‪٢٠٢1‬‬

  ‫للشكاوى‪ .‬شعب أليف»)‪ ،‬ويعيد اكتشاف الثوابت‬                                             ‫(‪)Wallace Stevens: Of Modern Poetry‬‬
  ‫الثقافيّة الراسخة‪ ،‬حيث يخرج النمل من مساكنه‪،‬‬
‫ويعيد طرح الأسئلة‪ ،‬على سبيل المثل‪ ،‬هل كان حل ًما‬                                                     ‫***‬
   ‫رأته بلقيس‪ ،‬وتح ّقق على أرض الواقع‪ ،‬كانت هي‬
‫نفسها فيه النملة المتكلّمة‪« :‬جيوش من النّمل تسعى‬                                            ‫لا مكان للمألوف أو المجت ّر في كثير من قصائد‬
                                                                                        ‫ال ّديوان إ ّل على سبيل الخلفيّة الباهتة الذابلة‪« .‬غزالة‬
                       ‫في يقين الأنبياء» (مملكة)‪.‬‬                                       ‫االلقاسهرمئفايلذيقيي أنلِفش ابلقغ ّيز»ال(ةغترعيدبةو)أ‪،‬ماعملىالغيسرهم‬  ‫تعدو إلى‬
      ‫لكن‪ ،‬لا بأس بشيء من اليقين العابر المؤ ّقت‪،‬‬                                                                                                             ‫ما يتو ّقع‬
‫والإيقاع الظاهر والقافية‪ .‬لحظات يلتقط فيها القارئ‬                                       ‫هاربة‪ ،‬وعلى غير ما ألّف من اجتماع المفردات في‬
   ‫أنفاسه في خ ّضم الصور التي تنهمر‪ ،‬والتراكيب‬
  ‫غير المألوفة والانزياحات الدلاليّة‪ ،‬لعلّه يطفو على‬                                     ‫«يقين شبقي»‪ ،‬حيث يجتمع العقل بالح ّس‪ ،‬وعلى‬
   ‫سطح القصيدة برهة‪ .‬قليل من ال َخ َد َر واليقين لا‬                                     ‫غير ما ألّف كذلك يسمع «أسراب همهمات دافقة‪..‬‬
    ‫يض ّر‪ ،‬خدر الإيقاع‪ ،‬والتكرار والتوازي‪ ،‬ويقين‬
 ‫ال ُجمل الخبر ّية القصيرة المنفصلة المتّصلة‪ ،‬من غير‬                                    ‫يا صائد الخلائق الخارق‪ /‬أنا الفريسة المارقة‪/‬‬

             ‫أن تفارق القصيدة شهوة الاستعارة‪:‬‬                                           ‫يا صائد البروق النبيلة‪ /‬أنا فريستك الجميلة»‪،‬‬
                 ‫لا تعر ُف النَّو َم ولا يع ِر ُفها ال َّسه ْر‬                          ‫وكأ ّنها قصيدة يطاردها شاعر مغامر‪ .‬يطاردها‪،‬‬
                       ‫تمشي الفصو ُل في أقدامها‬
                                  ‫ويو ِر ُق ال َح َج ْر‬                                 ‫وهو يجتهد في الطفو والخروج من تخمة المواعظ‪:‬‬
                           ‫مر ُج زعفران في امرأة‬                                        ‫«أطفو وسط َشعب من غبار معلّق (شع ٍب طيّب‬
                                                                                        ‫بلا حكماء‪ ،‬متخمين بالمواعظ‪ ،‬لا فصحاء مدمنين‬
   ‫لواامترغأاةدرمقن الصا َّئصدحوس ّاللمجمفيي ِلمالمُجنمَهل ِمهاْر‪.‬الإ(يفاقاطعماةل)ظاهر‬
  ‫والقوالب سابقة التجهيز لقلّة إحكام أو قلّة إتقان‪،‬‬

     ‫لكن لأ ّن ماء ال ّشعر إذا لم يتح ّرك يأسن‪ ،‬ولأ ّن‬
‫الصوت المتف ّرد لا ينبغي له أن يكون محض صدى‪.‬‬

    ‫ومع فرادتها‪ ،‬لا تخلو القصائد مما يميز ال ّشعر‬
   ‫الجميل كما يذهب الجاحظ في (البيان والتبيين)‪،‬‬
     ‫من «ألفاظ متخيَّرة» «عذبة»‪ ،‬و»معان منت َخبة»‪،‬‬
  ‫و»مخارج َسهلة»‪ ،‬و»طبع متم ِّكن» و» َسبك جيِّد»‪،‬‬
    ‫و»ما ٌء ورونق»‪ ،‬ومعان «إذا صارت في الصدور‬

     ‫َع َمرتها وأصلحتها من ال َفساد القديم‪ ،‬وفتحت‬
      ‫للِّسا ِن با َب البلاغة‪ ،‬ودلَّت الأقلام على مدافن‬
  ‫الألفاظ‪ ،‬وأشارت إلى ِحسان المعاني»‪( .‬ص ‪)259‬‬

                 ‫حالة‬

    ‫في شعر الحداثة عمو ًما‪ ،‬وفي شعر رفعت س ّلم‬
        ‫خصو ًصا‪ ،‬تعبير عن أكثر مشكلات الحياة‬

    ‫المعاصرة وإشكالياتها عم ًقا وأث ًرا وخط ًرا‪ ،‬وهي‬
     ‫التي تنبع من محاولة الفرد‪ ،‬خصو ًصا المبدع‪،‬‬

       ‫الإبقاء على خصوصيّته وفرد ّيته واستقلاله‪،‬‬
   23   24   25   26   27   28   29   30   31   32   33