Page 30 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 30
العـدد 26 28
فبراير ٢٠٢1
أقدام وصورة وعل /غزال ،وكلمات بخطوط شتّى، صفحة منه
ولوحة معلّقة ،ورسم فرعوني ،ومتن وهوامش.
وفي وسعها أن تصبح رقميّة أكثر إذا ما انضافت هذه صفحة من (أرعى الشياه على المياه) ،يرعى
إليها عناصر الحركة والظهور والخفاء والصوت فيها ال ّشاعر النّصوص والكلمات على المساحة
والألوان.
وبالإضافة إلى كونها مهرجان علامات ،تشير البيضاء ،وكأ ّنها براح تتح ّرك عليه الكلمات والصور
الصفحة إلى أ ّن شعر س ّلم يستعصي على والخطوط والأفكار ،فمنها ما يستق ّر في متن ،ومنها
التصنيف والاختزال ،ففيه لحظات شجن وعذوبة
تليق بقصيدة رومانسيّة »-وع ًل غزا ًل باهر ما يعلّق على جدار ،ومنها ما ينزوي إلى هامش،
الأوصال /فمن يم ّد لي حبل ال ّرجاء /من يح ّقق ومنها ما يسير موازيا للمتن.
المحال؟» -وفيه لحظات إحالة إلى الواقع القريب،
وإلى شخصيّات ونصوص وأحداث ،فالقصيدة في هذه الصفحة ك ّل ما في ال ّشعر ،من الحدود الدنيا
والمتع الشعر ّية المألوفة ،ومنها الإيقاع («لا أك ّل ولا
كائن ح ّي لا يعيش معزو ًل من غيره من الكائنات،
ولحظات شاعر ّية نرجسيّة «أخرق الأرض وأبلغ أم ّل»« ،الأوصال ،المحال») ،والجناس («دثروني،
الجبال طو ًل» ،قد تح ّرض عل الا ّتهام لولا لحظات يد ّثرني»« ،ضعتي وضياعي») ،والطباق («أحتفل
انكسار تجاورها «أبكي ِضعتي وضياعي» .تارة بهزيمتي») ،والمجاز والاستعارة («حبل الرجاء»)،
يرتقي إلى منزلة الراعي العارف المستشرف، والترميز والتأليف والصياغة ،إلى التش ّظي
والتهجين والتّناص وتعدد الوسائط والشفرات،
والأنسنة والأسطرة.
من التّناص في الصفحة «د ّثروني .زملوني»،
و»فأروع الهزائم لم نرها بعد ،يا ناظم حكمت»،
و»أخرق الأرض وأبلغ الجبال طولا» .ومن التّناص
كذلك العلاقة بين المتن والهوامش على جانبيه
وأسفل الصفحة .ومن التهجين وتعدد الوسائط
المزج بين الكلمة والصورة والخطوط.
وتتع ّدد الأصوات على الصفحة («هزموني» «أ ّيها
النّيل») ،وتنزل الأساطير من عليائها ،ويمتزج
صوت الشاعر بصوت النب ّي ،ويصير البشر ّي
أسطور ًّيا («ينبت في كاهلي جناحان»« ،وفي رأسي
بستان من زهور حجر ّية») .وتمتزج الألوان
ودرجات الأصوات والحركات («لا أصرخ»،
«فأبكي»« ،أدندن نغمات ميلودرامية»« ،البكاء على
الاطلال»؛ «أمضي في الزمهرير»« ،أحتفل»« ،أمضي
مختا ًل»« ،أتم ّشى ودي ًعا»« ،أجلس فيه»).
على الصفحة -إ ًذا -كثير من سمات الكتابة
الإبداعية الرقميّة ،وفيها دليل على توظيف أدوات
معالجة الكلمات والنشر المكتبي ،وعلى ما سنح
للمبدعين من أساليب وأدوات التجريب التي لم
تكن سانحة في زمن القصيدة الشفهيّة ،ولا في
أزمنة الطباعة الأولى ،وفيها استعادة إبداعات زمن
المخطوطات والكتابة اليدو ّية في هيئة رقميّة.
هي سجل علامات وشفرات ووسائل تعبير ،آثار