Page 60 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 60
العـدد 26 58
فبراير ٢٠٢1
تاريخ الشخصية المصرية عن العثرة والعودة إلى كتعاقب الليل والنهار ،نداء لا يتوقف إلى أن يحدث
البدايات ،عاد رفعت سلام إلى الوراء قبل المسيحية اللقاء ويتم الوصل في ساحة حرب جنسية على حد
كي يحضر التاريخ كله مجنز ًرا ليمثل أمام محاكمة تعبيره ،فالأنثى التي تنادي ذكرها تقدم في صورة
شعرية طليعة أسئلتها :خطأ ما حدث أم مصير؟ شهوانية مفتوحة على الجهات ،وتتجدد أب ًدا فلا
إخفاق أم قدر؟ عاد ليحضر أدلة الثبوت والنفي، يبتر لها عضو إلا ويقوم آخر مكانه ،هذا التنادي
وقد تجلى هذا في استثماره للمكتوب عن التاسوع أحيا ًنا يأخذ شك ًل سجاليًّا ترشح منه الخبرة بأن
المقدس ،وشكوى الفلاح الفصيح ،وكتاب الموتى، الحياة لا تسقط أب ًدا ،وإن سقط أبناؤها في طور من
ليضع المكتوب كله على الجدارية المستعادة ،حتى أطوارها ،إنه السيرافيم المقاوم إذن الذي يرشح
تخرج عن المناسبة إلى الناموس« :أنا ناموس كالهذيان والجنون والمرض رشحان السيرورة
نفسي ،لا ينقصني شيء أو أحد ،والعالم المناسبة والضرورة والدوام .وإذ يأخذ الصوت الذكري
الخشونة والعنف في لغة أقرب إلى البيان الحربي
الواهية» (الديوان .)54 :وإشارة «التاسوع يأخذ الصوت الأنثوي الرهافة واللطف ،الأول
المقدس» –بخاصة -تواجه الأزمة بشكل مباشر، يقول« :أنا الغراب الناعق» ،والثاني« :أنا امرأة بألف
إذ تستحضر آلهة مصر القديمة الموكولة بتسيير وجه» ،ويتدرج الصوتان في حدتهما حتى يصلا
في مجموعهما إلى حالة من حالات الصياح المستمر
الأمور: المشحون بالرموز في برية لغوية مفتوحة زما ًنا
-1آتوم رع إله الشمس وخالق العالم
ومكا ًنا:
-2جب إله الأرض «زرقة أرجوانية ،وخضرة برتقالية ،وحمرة نارية،
-3نوت ربة السماء توابل وبهارات هندية مغربية تفوح ،غار وزنجبيل
ونارنج وريحان وشمر ومردقوش وفوقس ومر
-4شو إله الهواء وزعرور ونبق وجلنار وآس؛ ما الوقت؟ ما المكان؟»
-5تفنوت ربة الشمس والقمر
(الديوان)37 :
-6ست إله الشر والعنف إلى أن يحدث التزاوج والوصل:
-7إيزيس ربة السحر «أرعى جثة باهرة تنام في سريري ،تنز ألمًا
وصدي ًدا ،وملذات غابرة ،أنثر عليها ماء الكولونيا
-8أوزوريس حاكم مملكة الموتى والزهور الفواحة؛ ..فتمنحني ثديها العامر باللبن
-9نفتيس ربة المنزل الخاثر ..،أهش عنها الكوابيس الشرهة ..فتنتلق
التأوهات العاوية ،وصرخات الأورجازم المتقطعة،
لأنها تضع المصري أمام تاريخه ،وتفتح باب فمتى ينام الشرهون عنها؟ ساحة حرب جنسية
«لماذا» ،لماذا تتكرر النكبة في عصور هذا الإنسان
غابرة».
المختلفة؟ ولا شك أن هذا السؤال يعكس أعلى وأخيرا يحضر سفر الأمثال على هيئة اقتباسات
درجات الألم ،لأنه لا يسأل عن واقعة وإنما يسأل
عن حال متجددة تراكم وجعها عبر آلاف السنين: تطريزية يتعانق فيه الحاضر بالماضي شع ًرا
ومأثورات شعبية وخلاصة فلسفات ،وهو ما
أيها التاسوع المقدس
نحن رهائن الكون ،يتامى الأرض ،لا آباء سيتضح أكثر في الحديث عن تعدد الفواتح
والخواتيم أثناء تحليل إجراءات البنية الإنجازية
ولا آلهة .لا رجاء ولا عزاء
شربنا ماء المستنقعات حتى نفد ،أكلنا للديوان التي ستأتي تفصي ًل فيما بعد.
الفضلات المرمية للكلاب والقطط الشاردة هذا عن التراث المسيحي الذي يتبنى قضية
حتى نفدت .نفد الفرح ،ولم يبق إلا النواح الألم بوضوح ،فماذا عن الألم أي ًضا في التراث
نفدت الطمأنينة ،ولم يبق إلا العذاب .لا الفرعوني القديم ،ومن ثم كان البحث الأبعد في
رقص ولا غناء ،في غيبة الأبناء في
السراديب المجهولة .والزفاف مرجأ إلى
الأبد.
ولا يكتفي رفعت سلام بطرح السؤال الذي