Page 64 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 64

‫العـدد ‪26‬‬    ‫‪62‬‬

                                                     ‫فبراير ‪٢٠٢1‬‬

                ‫الذي يقترب من نرجسية المتنبي‪:‬‬                                 ‫وحلمت الأرض قرو ًنا‪،‬‬
          ‫فمن تكونين يا امرأة السهو والينسون؟‬                                        ‫أنا الفرد الأحد‪،‬‬
        ‫كأنك لا‪ ،‬فكل تشبيه باطل‪ ،‬وعكاز مكسور‬
                                                                     ‫تجهلني النسبية وعواما التعرية‪:‬‬
                            ‫لا أنت الألف والياء‪،‬‬                   ‫راجع ديوان «هكذا تكلم الكركدن»‪،‬‬
        ‫سيدة النساء‪ ،‬والأبجدية المجهولة العصية‪.‬‬       ‫وربما أي ًضا «حجر يطفو على الماء» (الديوان‪)62 :‬‬
                                                          ‫وهي النرجسية التي لا تتبدى فقط في الإحالة‬
                                 ‫(الديوان‪)47 :‬‬         ‫إلى الذات وإنما تظهر أحيا ًنا في إشارات مقارعات‬
  ‫وفي ضوء ذلك تبدو الإحالة إلى الذات مفهومة في‬           ‫لشعراء آخرين لا يسلمون من نكزاته من حين‬
‫إطار الإحساس المفرط بالذات‪ ،‬وتبدو الميتا‪ -‬نصية‬           ‫لآخر‪ ،‬ولذلك يقدم أحيا ًنا عبر الديوان إشارات‬
  ‫مفهومة أي ًضا في سياق تقديم نص مغاير يعرف‬               ‫ميتا‪ -‬نصية يشرح فيها سر خلطة تم ُّيزه عن‬

     ‫صاح ُبه عنه أنه مغاير ومختلف‪ ،‬بعد أن أثمر‬                                             ‫الآخرين‪:‬‬
    ‫التجريب معه وتمخض عن نصه الخاص الذي‬                                   ‫كان جسدي مليئًا بالجيوب‪،‬‬
                                                      ‫لكنني اكتشفت بعد فوات الأوان أنها طوال الوقت‬
                                        ‫يميزه‪.‬‬
 ‫وأخي ًرا تأتي وسيلة إعادة التسييق خاتمة لوسائل‬                                        ‫كانت مثقوبة‪،‬‬
‫الأداء الإنجازي في كتابة المناسبة عند رفعت سلام‬            ‫تسرسب ما أضعه فيها من ذكريات وأسماء‬
                                                        ‫وبصمات ومفازات سرية‪ ،‬وكلمات مهجورة أو‬
     ‫في هذا الديوان؛ وفيها يعمد الشاعر إلى أعمال‬
  ‫سابقة‪ ،‬أو نصوص دينية‪ ،‬أو شعرية‪ ،‬أو مقولات‬                                                   ‫ميتة‪،‬‬
                                                        ‫مما يهواه بعض الشعراء‪ ،‬وطرقات مهجورة لم‬
      ‫مأثورة‪ ..‬إلخ‪ ،‬فيعيد تسكينها في نصه بشكل‬
‫يخالف سياقها الأصلي‪ ،‬وهي وسيلة تتسق ومنحى‬                                            ‫تطأها قدم إلخ‪:‬‬
 ‫رفعت سلام العام التدميري في التعامل مع التراث‬                        ‫فما حيلتي الآن؟ (الديوان‪)40 :‬‬
                                                      ‫وتتخذ الميتا‪ -‬نصية شك ًل أكثر مباشرة بالحديث‬
    ‫الذي يحكمه قانون الإثبات والمحو‪ ،‬الأمر الذي‬      ‫عن المرأة‪ ،‬الصوت الأنثوي في النص الذي كثي ًرا ما‬
                      ‫يذكره صراحة حين يقول‪:‬‬
                                                                             ‫يلتبس بالقصيدة فيقول‪:‬‬
        ‫أُ ِع ُّد أنشودتي البهيجة‪ ،‬وأوشيها بما تيسر‬               ‫نعم ليست رم ًزا ولا استعارة لغوية‪،‬‬
            ‫من خزعبلات باهرة‪ ،‬وأقوال مأثورة‪،‬‬
                    ‫واقتباسات حداثية من فوكو‬                           ‫ليست كناية أو استعارة مكنية‪،‬‬
                                                                         ‫ليست أر ًضا أشقها وأحرثها‪،‬‬
  ‫وجنيت وإيهاب حسن‪ ،‬وهلمجرا‪( .‬الديوان‪)49 :‬‬                                 ‫ولا وطنًا رومانتيكيًّا أغنيه‬
  ‫وعلى حين تأتي إعادة التسييق مقبولة رهيفة في‬
                                                                   ‫وأدسه في قصائدي‪( .‬الديوان‪)44 :‬‬
                                          ‫قوله‪:‬‬           ‫فليس شعره حين يعالج قضية المرأة رم ًزا أو‬
               ‫جسدك بوابة للفردوس والجحيم‪،‬‬               ‫استعارة أو كناية ولا أر ًضا أو وطنًا‪ ،‬إنه شيء‬
   ‫ملاذ للعابرين المساكين‪ ،‬وأبناء السبيل‪ ،‬والمؤلفة‬    ‫فريد من نوعه في تاريخ الفن‪ ،‬وفي تاريخ الحديث‬

                         ‫قلوبهم‪ ،‬والعاملين عليه‪،‬‬                                         ‫عن النساء‪:‬‬
 ‫يأكلون‪ ،‬يشربون‪ ،‬يمرحون‪ ،‬ينكحون‪ ،‬يضحكون‪،‬‬                 ‫هي اختصار آلاف السنين من شهوات النساء‬

       ‫يتشاجرون‪ ،‬يعبثون‪ ،‬يعيثون كما يشاءون‪.‬‬                                                 ‫العارية‪،‬‬
                                 ‫(الديوان‪)73 :‬‬                ‫مما لا عين من قبل رأت ولا أذن سمعت‪،‬‬
                                                             ‫ولا خطر على خيال شاعر‪( .‬الديوان‪)44 :‬‬
 ‫تأتي غير مقبولة صادمة وقاسية حين يضع الآية‬             ‫ولذلك يطرح سؤا ًل حول ما يذكره عن كنه هذه‬
 ‫الكريمة مشطوبة في سياق متنه الشعري الرئيس‪:‬‬           ‫المرأة‪ /‬القصيدة؛ ليجيب إجابة الحسم التي تصل‬
                                                     ‫بالنرجسية إلى ذروتها‪ ،‬حين تبطل التشبيه بالشكل‬
                            ‫«يا ليتني كنت ترابا‬
   59   60   61   62   63   64   65   66   67   68   69