Page 68 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 68

‫العـدد ‪26‬‬    ‫‪66‬‬

                                                          ‫فبراير ‪٢٠٢1‬‬

      ‫فعدونا بلا أقدا ٍم ليمح َو الما ُء ما لم نتر ْك ُه‬       ‫في نصوص أخرى من الديوان مع اختلاف‬
          ‫على الرما ِل لا فها هو النسيا ُن يف ُّر في‬       ‫قليل‪ ،‬من مثل ما نجد في نص (وردة الفوضى‬
                              ‫الفرا ِغ المراوغ‪»..‬‬
                                                             ‫الجميلة)‪ ،‬حيث يميز صوتين مضفورين م ًعا‬
  ‫يستمر المتن على اليمين ثم ينبت الهامش من‬                     ‫باختلاف الفنط على اليمين بتسويد أحدهما‬
  ‫كلمة (الفراغ) على اليسار وبفنط أصغر‪ ،‬على‬
                                                             ‫وإمالته‪ ،‬وتكبير حجم الصوت الثالث وإمالته‬
                                  ‫النحو الآتي‪:‬‬                                               ‫على اليسار‪.‬‬
                        ‫“يف ُّر في الفرا ِغ َر َّوا ًغا‪،‬‬
                         ‫فيرتمي على خصري‪:‬‬                     ‫تعدد الأصوات في النص يجنح في غالبه إلى‬
                                                               ‫الزخم الشعري واشتباكه في سياق الرؤية‬
                                       ‫العراء‪.‬‬                ‫الشعرية‪ ،‬واللجوء إليه أقرب إلى تيسير ذلك‬
                               ‫لا ما َء يعر ُفني‪،‬‬              ‫الزخم وعدم تعقيده حال الكتابة في منظور‬
                                                               ‫التجربة‪ ،‬لكن إدراكه يبقى عملية صعبة‪ ،‬لا‬
                                  ‫فيستبي َحني‪،‬‬                ‫تتيسر إلا لمن أخلصوا الإنصات للنصوص‪،‬‬
                           ‫ولا يح ُّط في جسدي‬                 ‫ربما أتحدث عن مدى الوفرة الشعرية حال‬
                                                           ‫الكتابة‪ ،‬تلك الوفرة التي تجد مخارجها في أكثر‬
                                      ‫ال َخواء‪.‬‬            ‫من صوت شعري تتضاد معا غالبًا‪ ،‬أو تتضام‬
                                  ‫رم ٌل رماد ٌّي‪،‬‬
                                  ‫وظ ٌّل ناع ٌس‪،‬‬                                               ‫م ًعا ناد ًرا‪.‬‬

                                     ‫بلا مطر‪.‬‬                              ‫(‪)2‬‬
    ‫بالنظر إلى المتن في المقطع السابق (والكلام‬
     ‫هنا سينسحب على بقية نصوص الديوان)‬                        ‫في ديوان (إشراقات رفعت سلام‪،)1992 -‬‬
    ‫نلاحظ عد ًدا من السمات‪ ،‬منها مجيء المتن‬                 ‫تنمو صور جديدة للتجريب سبق ممارستها‪،‬‬
 ‫على هيئة (بلوك) عمودي متصل في غياب تام‬                   ‫وتختفي أخرى‪ ،‬وتحل صور جديدة لم تكن من‬
‫لعلامات الترقيم‪ ،‬وحضور وافر لأدوات الربط‪،‬‬                    ‫قبل‪ ،‬فعلى الرغم من استمرارية العناوين على‬
  ‫على العكس مما كان عليه شاهد ديوان وردة‬                    ‫رؤوس القصائد؛ يواجهنا صوتان بوضعيتين‬
 ‫الفوضى الجميلة‪ ،‬بما يعني استمرارية الزخم‬                  ‫مختلفتين‪ ،‬لصوت واحد هو صوت الشاعر‪ ،‬إلا‬
‫الشعري حال الكتابة أي ًضا‪ ،‬ولكن هذه المرة في‬                ‫أن أحدهما وهو المتن (جسد النص) مقدم على‬
 ‫اتجاه تضام لحمة النص ووحدته‪ ،‬وهو نزوع‬                    ‫الآخر‪ ،‬أو هذا الآخر أُريد له أن يكون في الخلفية‬
   ‫مختلف عما كان من تمزيق وتفتيت للمشهد‬                   ‫(هامش النص)‪ ،‬لننظر نص مراودة(‪ )5‬الذي يبدأ‬
     ‫الشعري فيما سبق‪ ،‬وطبيعة التجربة حال‬                  ‫متنه‪ ،‬ويستمر على يمين الصفحة مرة ويسارها‬
‫الكتابة هي التي تفرض هذا النسق أو ذاك وف ًقا‬
                                                                           ‫مرة أخرى في الصفحة التالية‪،‬‬
                                                                                           ‫وكذا الهامش‪:‬‬

                                                                               ‫“ها أن ِت تسرقين النسيا َن‬
                                                                                        ‫وتتركين الذاكر َة‬

                                                                            ‫عاري ًة تتناه ُشها طيو ُر الأسى‬
                                                                                             ‫والبكا ِء فهل‬

                                                                             ‫كانت حمحم ُة المو ِت ُحل ًما أم‬
                                                                                                ‫العاصف ُة‬

                                                                              ‫عصفت بالعصافي ِر الرملي ِة‬
                                                                                           ‫فراو َدنا المدى‬
   63   64   65   66   67   68   69   70   71   72   73