Page 73 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 73

‫‪71‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

    ‫الاستبداد والطغيان كافة‪ ،‬فالكلب يشير إلى‬        ‫يرد في منتصف يمين المتن‪ ،‬فإنه يكرس دلالة‬
  ‫( ِست) الذي يرمز إلى القوة الغاشمة والعنف‬           ‫الطغيان ووشوك الاستسلام‪ ،‬إلا أن صورة‬

   ‫الأهوج‪ ،‬إذ تقول الأسطورة إنه اندفع بعنف‬          ‫الشمس على اليسار ترد داعمة لفكرة الصمود‬
                                                   ‫والحمل على المواجهة لكون الشمس في المرموز‬
  ‫خارج رحم أمه حين ولدته‪ ،‬ويشير أي ًضا إلى‬
    ‫العواصف والمرض والاضطراب(‪ ،)13‬فإذا ما‬               ‫الفرعوني تشير إلى الإله (رع) رمز تجدد‬
                                                  ‫البعث والميلاد‪ ،‬من هنا يأخذ المتن اللغوي اتزانه‬
   ‫أعدنا النظر إلى الصفحة من منظور مختلف؛‬          ‫بتعاضد تلك العناصر التي تعمل على انسجامه‬

      ‫يمكننا أن نرى الرسوم والرموز والمقاطع‬                                             ‫واتساقه‪.‬‬
                                                       ‫بقيت ثلاثة عناصر جاءت على هامش المتن‬
      ‫الخارجة عن المتن أشبه بالتمائم الحافظة‬         ‫اللغوي‪ ،‬أولها‪ :‬المقطع الذي يلي الشمس وكذا‬
                                                       ‫امتداده إلى أقصى يسار أسفل الصفحة‪ ،‬إذ‬
    ‫لقداسة المتن الشعري في ضمير التلقي‪ ،‬ولا‬              ‫يجسد روح المقاومة الإيجابية للشاعر في‬
                                                  ‫مواجهة طغيان المتن‪ ،‬كونه مستله ًما من الشمس‬
  ‫أستغرب إن جاء آخرون بتأويلات شتى لمثل‬
                                                         ‫الرامزة إلى التجدد والبعث وفق الأدبيات‬
             ‫هذه الغابة من التجريب الشعري‪.‬‬             ‫الفرعونية‪ ،‬ثم صورة الجعران (الخنفساء)‬

    ‫أخي ًرا‪ ،‬وقد انتهيت من هذه القراءة الأفقية‪،‬‬           ‫أسفل يمين الصفحة‪ ،‬فهي في مرموزها‬
‫محكو ًما بحيز جاوزته كثي ًرا‪ ،‬أشعر أنني لم أقل‬      ‫الفرعوني تشير إلى (أرض الإله) أو العالم(‪،)12‬‬

   ‫شيئًا‪ ،‬معز ًيا نفسي أن من يدخل عالم رفعت‬             ‫فيما يشبه تعرية بشاعة الطغيان وتقزيمه‬
 ‫سلام‪ ،‬عليه أن يقنع بما تيسر من حدائق النار‬            ‫بمواجهته بما هو أكبر منه إحاطة وشمو ًل‪،‬‬
                                                    ‫العنصر الأخير هو صورة الكلب‪ ،‬وجاء أسفل‬
    ‫والزعفران‪ ،‬وحسبنا أننا أمام شاعر تجاوز‬         ‫المتن في المنتصف‪ ،‬ليضاعف استمرارية أشكال‬

 ‫نطاقه؛ فكتب نصه يان ًعا إلى الأبد‪ ،‬وسلا ًما على‬
                     ‫روحه الشاعرة في العالمين‬

                                                                       ‫الهوامش‪:‬‬

                                                                                        ‫‪ -1‬أستاذ النقد الأدبي المساعد (متفرغ الآن)‪.‬‬
‫‪ -2‬ينظر‪ :‬عبد الله الغذامي‪ ،‬النقد الثقافي‪ -‬قراءة في الأنساق الثقافية العربية‪ ،‬الفصل الأول‪ ،‬ط‪ ،2005 ،1‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪/‬‬

                                                                                                                          ‫بيروت‪.‬‬
                                     ‫‪ -3‬رفعت سلام‪ ،‬ديوان رفعت سلام‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ ،11‬ط‪ ،2013 ،1‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

                                                                                         ‫‪ -4‬السابق‪ ،‬وردة الفوضى الجميلة‪ ،‬ص‪.29‬‬
                                                                                          ‫‪ -5‬السابق‪ ،‬إشراقات رفعت سلام‪ ،‬ص‪.71‬‬
                                                                                     ‫‪ -6‬ينظر ديوان رفعت سلام‪ ،‬ج‪ -1‬ص‪.77 -72‬‬
   ‫‪ -7‬ينظر‪ :‬محمد عليم‪ ،‬شعرية المشهد‪ -‬دراسة في الأنماط والنصية‪ ،‬ص‪ ،61 -47‬ط‪ ،2012 ،1‬دار (دال) للنشر والفنون‪ ،‬اللاذقية‪ ،‬سورية‪.‬‬

                                                                                                  ‫‪ -8‬ديوان رفعت سلام‪ ،‬ص‪.274‬‬
                  ‫‪ -9‬القصد أحد عناصر سبعة يشترط تحققها م ًعا في الكلام ليكون ن ًّصا‪ ،‬وفق تعريف النص في المنهجية اللسانية النصية‪.‬‬

                                                  ‫‪ -10‬السابق‪ ،‬ينظر على سبيل المثال‪ :‬ص‪ ،295 -290‬وص‪ ،301‬و‪ ،306‬و‪ ،311‬و‪.313‬‬
                                                                                             ‫‪ -11‬ديوان رفعت سلام‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.267‬‬

     ‫‪ -12‬ينظر‪ :‬رندل كلارك‪ ،‬الرمز والأسطورة في مصر القديمة‪ ،‬ترجمة‪ :‬أحمد صليحة‪ ،‬ص‪ ،37‬د‪.‬ط‪ ،1988 ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪،‬‬
                                                                                                                          ‫القاهرة‪.‬‬

                                                                                                             ‫‪ -13‬السابق‪ ،‬ص‪.113‬‬
   68   69   70   71   72   73   74   75   76   77   78