Page 75 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 75
73 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
مضمو ِن المت ِن ،معبِّ ًرا َع ْن ال َّصرخا ِت والعوي ِل، والعنوان يساعد القارئ للتعامل مع النص دلاليًّا
والأحلا ِم المكسور ِة؛ كي ترفر َف معي شياهي ورمز ًّيا ،فهو علامة دالة على النص ،ولا تنفصل
الحبيبة ،ولا تتركني لنفسي الأمارة بالسوء ،ثم العناوين في بنيتها ودلالاتها عن خصوصية
تردد ( َأر َعى ِش َيا ِهي َع َل ِم َيا ٍه ل َا َت ِفي ُض َأو َت ِغيض)،
العمل الذي تميز معانيه وتوسم بها ،وفي الوقت
ليعبّر عن الآلا ِم والمعانا ِة في صو ٍت متقارب
للصياغة السابقة ،ثم يأتي بصيغة العنوان نفسها نفسه تستدعي قراءة العنوان توجيه الانتباه نحو
( َأر َعى ال ِّش َيا َه َع َل المِ َيا ِهَ ،تق ُض ُم ال َّر َذا َذ َوال َّز َب َد المرجعية النصية التي يحيل إليها العنوان لتفسير
ال َّطا ِف َو ُت َؤا ِخي ال َأس َما َك َوال َّصيَّا ِدين) ،وهذا
الاستخدام للعنوان تم بالتشكيل نفسه ،والخط معناه الدلالي ،أو كما يرى (جيرار جينت) العنوان
نفسه؛ م َّما يؤكد على أهمية الإشارة إلى دلالية
قضية إشكالية(.)2
العبارة وما تعنيه.
إن العنوان الذي بين أيدينا يشكل مرتك ًزا دلاليًّا، فهو ليس مجموعة كلمات تتوسط أعلى صفحة
ينبني عليه فعل التلقي ،بوصفه أعلى سلطة تل ٍّق
النص ،إنما هو ن ٌّص تتناسل إيحاءاته الدلالية تب ًعا
ممكنة ،ولتميزه بالاقتصاد اللغوي ،في مقابل َللينُهقمُع ِمط َْتهن ْأح َوتهُهوميظم ٍةيباف ُتعهشْ؛ظرم ًةف،ىه،ووقكندو ُنٌّ ُهصظهآعَرنخا ُرلاص ُيًرهاوتامفزاا ُمعي ًبالاللنَّفعينَّوصتااحِنلَّ؛رذي ِ َلياك
الاتساع الدلالي ،ولاكتنازه بعلاقات إحالة الخطاب وعتب ًة ُتغ ِري المتلقي ،محد ًثا تشوي ًقا وجذ ًبا
اللمستتلفقزاي ًزالهلممحرنكاح ِيت ُاثلقهروا:ء ِة«الوأمظيهكاُرنيوزالمأاقِت َوها،ىوونااللأ ِكتث ُر
(مقصدية) حرة إلى العالم ،وإلى النص ،وإلى النصي َب الأوف َر م ِن الاهتما ِم وال َّرص ِد والقراء ِة
والتألي ِف إلى درج ِة الحدي ِث ع ْن (نظري ِة العنوا ِن)
بك ِّل َما تتكش ُف ع ْن ُه جمهوري ُة النَّظري ِة م ْن طبقا ٍت
وحدو ٍد وإمكانا ٍت وقضايا وإشكالا ٍت»(.)3
فورا ُء العنوا ِن طبقا ٌت متعدد ٌة م َن المعا ِني وال َّد َل َل ِت
الَّتي تحتا ُج إ َل قراء ٍة أُ ْخ َرى غي َر القراء ِة ال ُأ ْو َل،
فالبع ُد التكثيفي داخ ُل صو ِغ العنوا ِن َل ُه وظيف ٌة
كشفي ٌة لفت ِح أف ِق القراء ِة بشك ٍل أكث َر اتسا ًعا،
وإيحا ًء ،ومو ِّج ًها للقراء ِة كلِّ َها ،وه َو لي َس شار ًحا
للمضمو ِن داخ ِل النَّ ِّص ،ومل ِّخ ًصاَ ،ب ْل يتبنَّى وظيف ًة
والبح ِث ،وي ْن َط ِوي األوَّد ْرع َ ِلس إعغَرلائيس ًة ِّرتادلنَّف ُع ِّ اصلمتولمقفيتاإ َِحل ِه
جهتِ ِه و َم ْق َص ِد ِه.
وقد َو َر َد ِف النَّ ِّص ِم َن ال َّدا ِخل على ثلا ِث صي ٍغ
متشابه ٍة:
« َأر َعى ِش َيا ِهي َع َل الم َيا ِه ،ل َا َع ًصا ِف ي ِدي ( َلي َس
سوى الناي من قص ٍب ب ِّر ٍّي أه ُّش به على غنمي
ولي فيه مآرب أُخر)؛ عار ًيا يغسلني الرذاذ كلَّما
هبَّت نسم ٌة عابرة ،حافيًا لا تبتل قدمي ،وشياهي
تضم ال َّزبد
إلى الأبد»
والعنوان مفتاح يكشف تضاريس النص ،ويبث
مستوياته المتعددة؛ لأ َّن ُه الإشار ُة البصري ُة ال ُأ ْو َل،
الَّتِي يب ُّث َها النَّ ُّص إ َل المُتل ِقي ،موجه ٌة بص َر ُه إ َل