Page 61 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 61

‫‪59‬‬
‫لا يكتفي رفعت سلام بطرح السؤال الذي يفتح‬

‫باب "لماذا" الضارعة‪ ،‬وإنما ينتقل إلى استعداء‬         ‫يفتح باب «لماذا» الضارعة‪ ،‬وإنما ينتقل‬
    ‫الآلهة بعضها على بعض‪ ،‬كما لو كان قد‬               ‫إلى استعداء الآلهة بعضها على بعض‪،‬‬

                                                   ‫كما لو كان قد تراءى له أن الصراع ليس‬

‫تراءى له أن الصراع ليس بين بشر وبشر‪ ،‬وإنما‬         ‫بين بشر وبشر‪ ،‬وإنما صراع بين الآلهة‬
   ‫صراع بين الآلهة بعضها البعض‪ ،‬يستعدي‬             ‫بعضها البعض‪ ،‬يستعدي الإلهة «ماعت»‬

                                                      ‫بريشة النعام فوق رأسها التي ترمز‬

‫الإلهة "ماعت" بريشة النعام فوق رأسها التي‬          ‫للعدل‪ ،‬وبمفتاح الحياة في يدها اليسرى‪،‬‬
‫ترمز للعدل‪ ،‬وبمفتاح الحياة في يدها اليسرى‪،‬‬           ‫وبصولجان الملك في اليمنى؛ حتى ترد‬
                                                   ‫الأمور إلى نصابها‪ ،‬فلماذا سميت مصر‬

‫وبصولجان الملك في اليمنى؛ حتى ترد الأمور إلى‬         ‫بأرض النيل والماعت إن لم يكن هذا في‬
‫نصابها‪ ،‬فلماذا سميت مصر بأرض النيل والماعت‬          ‫مقدورها؟ أليست هي المتحكمة في حركة‬
                                                   ‫الفصول والنجوم؟ يستعديها أم ًل في رفع‬

    ‫إن لم يكن هذا في مقدورها؟‬                        ‫اللعنة وإقالة العثرة‪ ،‬لأن ما حدث بدا غير‬
                                                   ‫مفهوم إلا في نطاق صراع فوق طاقة البشر‪،‬‬

                                                   ‫لماذا لا تحلها الآلهة إذن فيما بينها وبين‬

                                                   ‫بعضها البعض‪ :‬ماعت في مقابل التاسوع‬

                                                   ‫المقدس‪:‬‬

                                 ‫بقصور السادة‬      ‫لا‪ ،‬يا ماعت‪ ،‬آن لصمتك أن يدوي بالعدل والحقيقة‬
                    ‫مخفورين بالكهنة والعازفين‪،‬‬                                 ‫إلى التاسوع المقدس‪،‬‬

                         ‫ورائحة الأطعمة الشهية‬       ‫هل مدى مفتوح على اللازورد‪ ،‬أم خسارة قادمة؟‬
                              ‫تهب على الجائعين‬                                      ‫(الديوان‪)127 :‬‬

 ‫ودفعا في اتجاه خطوة أكثر تعم ًقا وفح ًصا للطبيعة‬     ‫وفي هذا السؤال رفع للحرج عن المصريين الذين‬
‫الإنجازية في ديوان «أرعى الشياه على المياه» لرفعت‬  ‫تورطوا في الثورة وإيعاز في الوقت نفسه بضرورة‬

     ‫سلام‪ ،‬فإنه يمكن رصد مجموعة من الوسائل‬            ‫مواصلة الرحلة‪ ،‬فعلى الإنسان أن يكمل‪ ،‬والحياة‬
   ‫التي توجه أداءاته في كتابة المناسبة‪ ،‬وتعمل على‬    ‫لا بد أن تعاش‪ ،‬ولذلك يستمر المتن الشعري ‪-‬في‬
  ‫ربط المؤسسات الكلية السابقة بالتركيب وتعشيق‬      ‫الديوان‪ -‬بصوتيه‪ :‬الذكري والأنثوي اللذين يمثلان‬
    ‫فسيفساءاتها في الجدارية الشعرية الهائلة‪ ،‬هذه‬   ‫الحياة حتى الصفحة (‪ ،)133‬بينما تتوقف الحاشية‬
                                                    ‫التي تهيمن عليها شكوى الفلاح الفصيح قبل ذلك‪،‬‬
                                   ‫الوسائل هي‪:‬‬      ‫وبالمقارنة بين النهايتين فإن الإغراء بالرضا الذي‬
          ‫‪ -‬طريقة تقديم المحتوى ‪،presentation‬‬
                                                        ‫يمنح القدرة على التكيف يستمر خمس عشرة‬
              ‫‪ -‬والاستعانة بالرموز غير الكتابية‪،‬‬       ‫صفحة بعد صمت الشكوى في الصفحة (‪،)118‬‬
    ‫‪ -‬تعدد الفواتح والخواتيم للكتل الشعرية التي‬    ‫التي تلتبس في أدائها بكتاب الموتى عبر الديوان كله‪:‬‬

                             ‫يتألف منها الديوان‪،‬‬                                 ‫تنظر إلينا الأرباب‬
                             ‫‪ -‬الإحالة إلى الذات‪،‬‬                                       ‫بلا اكتراث‬

                                ‫‪ -‬الميتا‪ -‬نصية‪،‬‬                                 ‫تشيح بوجوهها عنا‬
                               ‫‪ -‬إعادة التسييق‪.‬‬                                   ‫إلى الجهة الأخرى‬
      ‫وشر ًحا لكيفية عمل هذه الوسائل فإن رفعت‬
     ‫سلام ‪-‬بداية‪ -‬يتخذ في طريقة تقديم المحتوى‬                             ‫فإلى متى نشكو ونصرخ؟‬
                                                                       ‫وفي الضفة الأخرى من النيل‬

‫الشعري في هذا الديوان تقنية الموالفة (الكولاج‬      ‫يعلو صوت الغناء والقياثر‬
   56   57   58   59   60   61   62   63   64   65   66