Page 56 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 56

‫العـدد ‪26‬‬    ‫‪54‬‬

‫فبراير ‪٢٠٢1‬‬

     ‫السابقة‪ ،‬وإنما يعمل على هدمها بالتدريج‪.‬‬
   ‫والنص الشعري حين يستند إلى هذا التوجه‬
     ‫النقدي للهدم من جانب‪ ،‬ولتأسيس نموذج‬
  ‫مغاير من جانب آخر يختار نموذ ًجا فاع ًل له‬
  ‫تأثير‪ ،‬وله حضور‪ ،‬ويختار من أشعاره ن ًّصا‬
   ‫أو جز ًءا من النص كاش ًفا عن ملامحه القارة‬
    ‫الموجودة والمترددة بشكل مستمر في إبداعه‬

                                     ‫الشعري‪.‬‬
     ‫فحين يقول رفعت سلام في الهامش التالي‬
   ‫مباشرة رقم (‪« :)15‬لا‪ ..‬ليس لي طائر حديد‬
    ‫حام حولي حومتين‪ /‬ثم ح ّط فوق جبهتي‪/‬‬
 ‫ينقر العينين‪ /‬قال لي‪ :‬يا قاتلي»‪ ،‬يمكن للمتلقي‬
 ‫أن يلحظ أن هناك إشارة إلى شاعر له تأثير في‬
 ‫الشعرية العربية‪ ،‬هو الشاعر الكبير أحمد عبد‬
 ‫المعطي حجازي‪ ،‬وإلى ملامح تجربته المشدودة‬
    ‫إلى السياقات الجاهزة والأطر المعرفية التي‬
   ‫أسسها مثل ثنائية الريف والمدينة في البداية‬
     ‫على الأقل‪ ،‬وشعره المرتبط بعلاقته شديدة‬
  ‫الخصوصية بالمرأة‪ ،‬وارتباطها بنظرة تكشف‬

                            ‫عن تقديس خاص‪.‬‬
  ‫ولكن هذا الهامش لا يمكن فهمه بشكل لافت‬
   ‫إلا إذا تحركنا نحو المتن لمقاربة حركة المعنى‬

     ‫الكاشفة عن غياب الاحتفاء بديوانه (وردة‬
   ‫الفوضى الجميلة)‪ ،‬تحت تأثير هذا الحضور‬
   ‫اللافت والضجيج الخاص بالشعرية القديمة‬
   ‫الممثلة في شعرية حجازي‪ ،‬وذلك حين يقول‪:‬‬
‫«فكيف لا يراودني البكاء حين ضاعت في زحام‬
 ‫الفوضى الجميلة‪ ،‬دون أن يوشوش العصفور‬
 ‫لي أنها ظلت في سريري حتى المساء لا (‪.»)15‬‬
 ‫التوازي أو التعدد في هذا الديوان يأتي كاش ًفا‬
‫عن محاولة تجريب آلية لفعل القراءة من خلال‬
    ‫تقسيم النص إلى متن وهامش‪ ،‬ولكنه ليس‬
  ‫تقسي ًما كاش ًفا عن تراتبية‪ ،‬بل عن تسا ٍو‪ ،‬هي‬
 ‫آلية كاشفة عن صناعة السياق المتعدد لإدراك‬

     ‫العالم المتفلت من الواحدية‪ ،‬ولإبقاء الوعي‬
  ‫منفت ًحا على الإرجاء والمخالفة الدائمين ابتعا ًدا‬
  ‫عن التنميط الكاشف بالتدريج عن غياب روح‬

                                          ‫الفن‬
   51   52   53   54   55   56   57   58   59   60   61