Page 54 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 54
العـدد 26 52
فبراير ٢٠٢1
وكأن المتن لبنيته المرتبطة بنسق تعبيري إثبا ًتا وتحدي ًدا ووجو ًدا في إطار المجموع،
خاص ،لا يسمح بتفسيرات كافية لهذه القاتلة للكشف عن أن هناك شعرية جديدة بدأت في
التشكل والتك ّون ،وفي مزاحمة النمط المؤسس،
المأجورة .ولكن الوصول إلى طبيعة الفحوى المشدود إلى فكرة الشاعر /النبي الذي يحمل
الدلالية تأتي من الحركة المستمرة بين المتن رسالة مقدسة ،ومن ث ّم تتشكل بالتدريج ملامح
شعريته المشدودة إلى الفن ،وليس إلى الرسالة
والهامش .ففي شعر رفعت سلام لا يقف التي كان لها وجود وتأسيس في إبداع شعراء
التفسير فقط عند الهامش النصي ،وإنما النص
نفسه يم ّد الهامش بتأويلات وتفسيرات ،ففي الخمسينيات والستينيات.
النموذج السابق للهامش لا نستطيع أن نصل في مقاربة جدل الهامش والمتن في نص
إلى معنى أو دلالة هذه (القاتلة المأجورة) بالرغم (مراوغة) يتبدى لنا أن الهوامش نصوص
أو أجزاء من النص ،ووضعها على هذا النحو
من الصفات المسدلة عليها في نص الهامش، المتوازي يهدم فكرة التراتب ،ويجعلها تؤدي
إلا من خلال الحركة والعودة إلى متن النص أدوا ًرا مهمة ،مثل وظيفة التوجيه ،لأن للكلمات
بداية من قوله «هكذا أجيء عار ًيا من الخليل في الشعر آثا ًرا دلالية مغايرة عن دلالاتها خارج
والجرجاني وابن قتيبة ،حتى آخر وغ ٍد عصري الشعر ،فكأن الهامش بوجوده بهذا الشكل
ينبح في الصفحات الأدبية ،عار ًيا منّي أكثر يوجه أفق التلقي نحو دلالة منشودة ،ويحدد
منّي يوم ولدت ويوم أموت فلا يبقى إلا جسد
قوس ،يوصد أبواب الهرب السرية في اللحظات آلية وطبيعة الاشتغال عليها.
يبدو الهامش آلية إخبار وتوضيح وكشف
الفاصلة ،فلا لوم عليّ ولا تثريب إذا عثرت بوصفه نقطة انطلاق مرتبطة بالمتن ،ولكنها
قدمي بالحفرة ،فهويت إلى هاوية دون قرار، نقلت إلى الهامش ليتم الاشتغال عليها من خلال
وأنا أتشبث بالخيط المقطوع ،وأهتف يا قاتلتي التبئير الشكلي والنصي ،فالهامش في إشراقات
رفعت سلام بانطلاقه من لفظة في المتن يركز
( )8المأجورة الخيط الخيط». عليها ،ويقف عندها ،يمارس تبئي ًرا خا ًّصا ،وقد
من خلال الحركة الدائبة بين النصين :نص يكون هذا التبئير مرتب ًطا بالتوجيه ،أو التحديد،
الهامش ونص المتن ،بالإضافة إلى الصفات أو بتأسيس نوع من توسيع الدلالة المحددة
المسدلة لكل قسيم من خلال التمدد التركيبي، للكلمة من خلال إضفاء منحى دلالي آخر إليها.
تتجاوب وتتشكل ملامح هذه القاتلة المأجورة، في بعض الأحيان يكون الهامش إطا ًرا مناسبًا
وتتأسس لها ملامح وجود كاملة .والقيمة
الدلالية للهامش هنا تفسيرية ترتبط بتوجيه لتفسير الملغز المتس ّرب في المتن النصي
الأساسي ،نظ ًرا لارتباطه في أحايين كثيرة ببنية
مكتنزة ليس لديها فائض مكان للتفسير ،فتترك
ذلك للهامش ،حتى لا تتورط بالوقوف عند
التفاصيل البسيطة المهمة التي يتكفل بها نص
الهامش ،فأول هامش يقابلنا في نص (مراوغة)
وهو رقم ( )8يقول فيه« :قاتلة جميلة/
جسد من الأوهام والخزعبلات والتواطؤات
المستحيلة /وسماء من غبار القبيلة /قاتلة
وقتيل /وخيط مقطوع».
يتحدد هذا الهامش توصي ًفا يرتبط بقوله
(قاتلتي المأجورة) في متن النص الأساسي،