Page 50 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 50
العـدد 26 48
فبراير ٢٠٢1
د.عادل ضرغام
جدل المتن والهامش في إشراقات رفعت سلام
قصيدة (مراوغة) نموذ ًجا
التوازي أو التعدد في هذا الديوان يأتي كاش ًفا عن محاولة تجريب
آلية لفعل القراءة من خلال تقسيم النص إلى متن وهامش ،ولكنه ليس
تقسي ًما كاش ًفا عن تراتبية ،بل عن تسا ٍو ،هي آلية كاشفة عن صناعة
السياق المتعدد لإدراك العالم المتفلت من الواحدية ،ولإبقاء الوعي
منفت ًحا على الإرجاء والمخالفة الدائمين ابتعا ًدا عن التنميط الكاشف
بالتدريج عن غياب روح الفن.
التعقيد ،متصلة بالفرد /الشاعر ،ووثيقة الصلة يأتي ديوان (إشراقات) رفعت سلام علامة
بالسياق الحضاري العام ،وبالإرث التاريخي
الذي أسهم في وجود هذا السياق. مهمة في الشعرية المصرية والعربية ،ليس فقط
وربما تأثر رفعت سلام -فوق تأثره بما بوصفه ن ًّصا شعر ًّيا ،وإنما يمثل حالة أو من ًحى
كانت الحياة الثقافية تعمل على تشييده من
خلال إسهامات مجلة شعر اللبنانية ،وخاصة فكر ًّيا مرتب ًطا بتجلي الحداثة العربية الشعرية
إسهامات أدونيس وأنسي الحاج -بإشراقات في انفتاحها الدائم في الخروج المتعمد والمقصود
عن النمط السائد بتجلياته العديدة ،حتى لو كان
رامبو ،حيث تؤسس فكرة الإشراقات لديه البعد هذا النمط مشدو ًدا إلى الذات الشاعرة في سعيها
عن النمطية السائدة ،والرغبة في التحرر من أي اللاهب نحو الاختلاف الدائم مع الآخرين ،ومع
منجزها الشخصي .الشاعر -الحداثي على نحو
قيد أو مؤسسة يمكن أن يكون تأثيرها ناج ًعا
في الحد من قيمة الحرية الإبداعية. خاص -يعيش حالة انتباه ويقظة مستمرين،
لكي لا يقع في التكرار ،أو في الاستنامة إلى
ما قام به رفعت سلام في إشراقاته يتجلى
بوصفه محاولة للإمساك باللامتناهي والأبدي، تحوله وتحول منجزه إلى نمط مؤسس يقلل من
وتقديمه في إطار متناه محدد ،محاولة للإمساك حدة الخروج والمغايرة.
بكائن عصي عن التحديد ،فهو لا يقدم نصوصه
في إطار نسق محدد أو تجربة محددة المعالم كما الإبداع في ظل هذا المنحى الفكري الذي يؤسس
قدمها السابقون أو بعض المجايلين ،وإنما مهمته له ديوان (إشراقات) -وربما يتجلى بشكل
واضح في إسهامات مبدعين ومنظرين مثل
أدونيس -نتاج عوامل وسياقات متعددة بالغة