Page 47 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 47

‫‪45‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

               ‫رؤى نقدية‬

                                                                ‫وعي التعدد والاختلاف والتداخل‪،‬‬

                                                                ‫يكشف رفعت سلام من خلال‬

                                                                ‫أشكاله التجريبية المدمرة‬

                                                                ‫لسطة الأب والتسلط والتكرار‬

                                                                ‫والرسوخ عن انفصالات الواقع‬

                                                                ‫العربي الدفينة طي اتصالاته‬

                                                                ‫المكرورة الزائفة‪ ،‬كاش ًفا عن‬

                                                                ‫مواقع الانشطار الدامية الكامنة‬

                                                                ‫في مواقع التماسك الظاهرة‪،‬‬

                                                                ‫يكتشف كل ذلك في بنى الوعي‬

                                                                ‫واللغة والهوية من خلال‬

                                                                ‫تشكيلاته الشعرية التجريبية‬

                                                                ‫بغية استحضار وخلق تاريخ‬

                                                                ‫وواقع عربي مغاير يقوم‬

                                                                ‫على توليد الفوارق الخصيبة‬

‫حلمي سالم‬      ‫ماجد يوسف‬      ‫محمد عيد إبراهيم‬                  ‫والاختلافات الخلاقة في الذوات‬
                                                                ‫الإنسانية والشعرية‪ ،‬ولعل هذه‬

                              ‫أنا الجملة البكماء»‪.‬‬              ‫(الشعرية المنظومية التقويضية)‬

           ‫ينبني النص عبر تشكيل منظومي تشعبي لا نسقي‬            ‫التي ابتكرها رفعت سلام بداية من ديوانه (حجر‬

           ‫لا يسير عبر منطق التسلسل السببي المألوف‪ ،‬بل‬          ‫يطفو على الماء) الذي أهدانيه عام ‪ 2008‬عربون‬

           ‫عبر منطق الفجوات والانقطاعات على المستوى‬             ‫مودة بينا‪ ،‬وحتي ديوانه الأخير (يرعي الشياه‬

           ‫الظاهري للغة‪ ،‬بينما يتمتع بهذه الحيوات العضوية‬       ‫على المياه) كانت جل وكدها تشكيل انشطارات‬

           ‫الهادرة على المستوى الباطني‪ ،‬فتتداعي بواطن‬           ‫وانفصالات وتمزقات الوعي والهوية واللغة كي‬

                                                                ‫تقاوم التطابق الفج والانسجام الذليل والطمأنينة‬
           ‫الزائفة‪ ،‬وتعدم كل صور الامتلاء الثقافي والسياسي اللاشعور بمظاهر الشعور‪ ،‬والانتظام بالفوضى‪،‬‬
           ‫الميتافيزيقي الخرافي‪ ،‬لتنفتح على التحول والاختلاف والضوء بالعتمة‪ ،‬والملموسات بالمجردات‪ ،‬حتى‬
           ‫والتعدد والثراء‪ .‬يقول الشاعر في ديوانه حجر يطفو لتمحى أدوات الربط والاتساق في النص للسيطرة‬
           ‫على الحالة الشعرية الملتهبة الموارة التي توازي حالة‬
                                                                ‫على الماء‪:‬‬
           ‫الوجود المتخثر الأبكم المتقطع الذي يحياه الشاعر‪.‬‬
                                                                ‫«أنا الجملة الشاغرة‬
           ‫إن الشعرية المنظومية التشعبية لدي رفعت سلام‬
                                                                ‫بين فاصلتين داميتين‪ ،‬خارج على السياق دونما‬
           ‫شعرية تقويضية بامتياز‪ ،‬والتقويض هنا ليس‬
                                                                ‫سياق أو ضغينة‬
           ‫مجرد رغبة نيتشوية عدمية‪ ،‬ولاهرو ًبا تخييليًّا‬        ‫منسيًّا في المفترقات‪ ،‬جم ًل أجرب أو كلبًا أعور‬
           ‫حداثيًّا يتم خارج مقتضيات الهوية ومتطلبات‬                                        ‫يتحاماه الناس‬
           ‫الواقع والتاريخ‪ ،‬بل يتم فعل التقويض الشعري كما‬
            ‫يقول الشاعر في نصه السابق داخل جسد التاريخ‬          ‫فأتمشي وسط الجثث المبقورة والمفقوءة مر ًحا‪،‬‬
                                                                ‫أتقافز فوق دماء متخثرة تنفث حشرجة ودخا ًنا‬
                              ‫والقبائل المتناحرة‪:‬‬               ‫يصادم بالأطلال اللامعة‪ ،‬فيهطل صرخات ثكلى‬

           ‫«سأعرف بعد فوات الأوان أني القتيل الأبدي‪ ،‬وأن‬        ‫تتعلق متأرجحة فوق القتلى المنسيين كأسراب‬

           ‫أشلائي توزعتها الرياح‪ ،‬ودمي ضاع بين القبائل‬          ‫البوم‪ ،‬تسد الأفق الكابي دون نهار أو شمس‪،‬‬

                              ‫المتناحرة‬                         ‫تعوي في الليل كأرملة عرجاء‪.‬‬
   42   43   44   45   46   47   48   49   50   51   52