Page 119 - مسيلة للدموع
P. 119
أفوا ٌج من النساء والفتيات تخرجن من الزنازين بعد نداءات الس ّجانات المتعالية ،فيخرجن بملابسهن
البيضاء كأنهن أموات خارجات من القبور بأكفانهن.
معتقلات بحكايات كثيرة ،بعضها اعتيادي والآخر أسطوري.
جنائيات ،وسياسيات ،ومظلومات ،والسجينات السياسيات –بالطبع -مظلومات ،إذن يمكنك
القول:جنائيات ،ومظلومات ،ومظلومات.
أغلب السجينات السياسيات تعرفن بعضهن البعض؛ ففي ساعة التريض تخرجالمعتقلات في المم ارت التي
بين الزنازين ،تتقابلن ،وتجتمعن من زنازين مختلفة ،وتتجاذبن أط ارف الحديث ،ربما يشاركهن الحديث
بعض الجنائيات المتعاطفات مع الفتيات المعتقلات سياسيا؛ لعلمهن بأنهن مسجونات ُظلما ،تلك
الجنائيات قلة من أعداد الجنائيات الموجودات داخل السجن ،ربما كن يدافعن عن إحدى السياسيات عندما
تتعرض للأذى من الجنائيات الأخريات ،أو يقدمن العون أو يشاركن الطعام مع إحداهن ،فتتكشف بذور
غائرة من الخير أخفاها الظلم والجهل.
ذهبت الحاجة سلوى وتالا مع بعض السياسيات المعتقلات من جامعة الأزهر ،اطمأنت الحاجة سلوى
على الفتيات واطمأن ْن عليها وعلى تالا ،تساءلت تالا عن الصوت الذي سمعته بالأمس؛ صوت الص ارخ،
قالت الفتيات إنهن سمعن مثل ذلك الصوت من قبل.
أعادت السؤال ال ُمل ّح عليها مرة أخرى:
-هل يحدث هذا حقا؟
هَّزت إحدى الفتيات أرسها بأسى ،وقالت:
-وقت أحداث جامعة الأزهر ،وتعّدي الأمن على الفتيات داخل الحرم الجامعي ،قال لنا أحد الضباط
نصا:
-من سنأخذها ،لن تخرج من السجن إلّا وهي حامل.
ُصعقت تالا من ذلك الكلام ،كانت كل الوقت تحاول إقناع نفسها بأن ذلك الكلام مبالغة،إشاعات
مخاب ارتية واعلامية؛ لتخويف الناس ،واجبارهم على السكوت ،ولكن كيف لها أن تُكّذب ما تسمعه بأذنها،
وُيروى لها من فتيات شهدن بأن تصرفات الأمن أقذر من التوقعات بكثير؟
119
مسيلة للدموع