Page 116 - مسيلة للدموع
P. 116
أخذته أمه من يده ،وحدثته بصوت منخفض ،وما إن أخبرته بالأمر حتى انتفض مستغربا ،وقال في
دهشة:
-ما الذي تقولينه يا أمي؟ هذا مستحيل.
-وما المستحيل إذن ،إن حورية هي من اقترحت الفكرة ،ولم يطرحها عليها أحد.
-ولكن يا أمي هذا ظلٌم لحورية ،بهذا سأحكم عليها بالسجن معي مدى الحياة.
-يا بني ،عندما طرحت حورية الأمر علينا عارضتها بشدة ،وقلت لها أن تُعيد النظر ،وتفكر في الأمر
من جديد ،لكَّنها أصّرت ،فهل ستتركها رغم تمسكها بك؟
-من قال إنني سأتركها؟
-وما مصير علاقتكما من وجهة نظرك؟ إما أن تكملا سويا أو أن تفترقا ،أهناك خياٌر ثالث؟
-لا أريدها أن تتسرع ،أريدها أن تعايش الواقع أولا ولو لفترة ،وبعد ذلك تحكم إن كانت ستتحمل استكمال
ذلك الطريق الصعب أم لا ،وتقرر حينها ق اررها النهائي.
لم تسمع حورية وفاطمة أي شيء مما دار بين آسر وأمه ،ولكنهما كانتا ت ارقبان تعبي ارت وجهه التي تتنوع
بين اندهاش ،وحيرة ،وسعادة مترددة يحاول إخفاءها؛ ظنا منه أنها طمعا ،وأن تلك السعادة التي يح ّسها
ستكون على حساب سعادة حورية مستقبلا.
رمى ببصره خلف أمه فوقعت عيناه على عين ّي حورية فابتسمت ،وهّزت أرسها ،وكأنها تقول له:أقَبل
أرجوك.
ترك آسر يد أمه وتقدم نحو حورية ،كانت حورية تتف ّهم مخاوفه كلها ،ظ ّل صامتا يود أن يتكلم ،لكنه لا
يعرف ماذا يجب عليه أن يقول.
116
مسيلة للدموع