Page 112 - مسيلة للدموع
P. 112
شهقت فاطمة شهقة عميقة ،وقالت بدهشة:
-أتمزحين يا حورية؟!
ردت حورية مازحة:
-منذ متى وأنا أمزح مع ِك يا فتاة؟ لا أفهم وجه الدهشة ،ألم تقولي بأننا نود أن نصنع شيئا يجعل آسر
سعيدا؟ ماذا سيسعده أكثر من أن ُنتم زواجنا رغم أنف الاعتقال ،ونتحدى أحكام الظلم وطغيان الحاكم
والضابط والقاضي؟ ولتذهب تأبيدتهم إلى الجحيم.
ردت فاطمة بالدهشة نفسها:
-الأمر ليس بهذه السهولة يا حورية ،لا توغلي بأقدامك دفعة واحدة ،رفقا ،فالطريق طويل.
تابعت حورية:
-ألم تقل أم ِك إنني إن كن ُت تخليت عن آسر فإن قلبه كان سينكسر؟ إنني بهذا أخبره بأنني معه حتى
النهاية ،ولن أتخلى عنه مهما حدث ،أي :اطمئن ،ولا تحزن ،فإن حزنك صداه في قلبي حزٌن أعمق ،ودمع
عيني َك في عين ّي بحٌر أزرق!
ضحكت فاطمة ،وقالت:
-واني أغرق أغرق أغرق.
وجهت حورية ضربة إلى فاطمة ،وقالت:
-أيتها الطائشة ،دائما ما تفسدين عل َّي لحظاتي الشاعرية.
ردت فاطمة ساخرة:
-نعم ،تلك اللحظات التي لا تذكرين منها شيئا بمجرد رؤيت ِك لآسر.
-حسنا ،ليس من شأنك ،أتعلمين بأن آسر يح ّس بكل ما أوّد قوله من دون أن أقوله؟ تماما كما أحس أنا
بالذي يوّد أن يقوله.
-هاها ،آسر؟ أن ِت واهمة يا عزيزتي.
112
مسيلة للدموع