Page 110 - مسيلة للدموع
P. 110

‫تجددت الدموع مرة أخرى في عيون أم آسر‪ ،‬واحتضنت حورية‪ ،‬وربتت على كتفها‪ ،‬وقالت‪:‬‬
       ‫‪ -‬ما بين غمضة عين وانتباهها يبدل الله من حال إلى حال‪ ،‬عسى الله أن يخرجه لنا سالما غانما ُمعافى‪.‬‬
       ‫أتعلمين يا حورية‪ ،‬وأنا أطلب من ِك أن تعيدي النظر وتفكري مجددا في مسألة ارتباطك بآسر بعد الحكم‬
       ‫عليه بالمؤبد‪ ،‬كنت خائفة أن تستجيبي لطلبي‪ ،‬فلو كن ِت تخّليتي عن آسر في هذه المحنة ربما كان‬
       ‫سيجزع أو ينكسر قلبه‪ ،‬ومع ذلك فمثلما هو ابني فإن ِك ابنتي‪ ،‬ومثلما أخاف على قلبه من أن ينكسر‪،‬‬

                                                    ‫وروحه من أن تُخَذل‪ ،‬أخاف علي ِك وعلى مستقبلك أيضا‪.‬‬

                                                                                   ‫ابتسمت حورية‪ ،‬وقالت‪:‬‬
                                 ‫‪ -‬آسر قوي‪ ،‬بي أو بدوني‪ ،‬ولكنني أنا التي سأجزع وأضعف إن تخليت عنه‪.‬‬

                              ‫ضحكت فاطمة محاولة كسر حالة الكآبة السائدة بم ازحها المعتاد‪ ،‬وقالت لحورية‪:‬‬
                                                     ‫‪ -‬أين كان كل هذا الكلام الجميل عندما كنا في الزيارة؟‬

                                                                              ‫وكزتها حورية مازحة‪ ،‬وقالت‪:‬‬
                                                                                         ‫‪ُ -‬كّفي عن هذا‪.‬‬

                                                                                       ‫قالت فاطمة لأمها‪:‬‬
                                                     ‫‪ -‬أمي‪ ،‬كان اليوم ُمرهقا جدا‪ ،‬فلتنامي وتستريحي قليلا‪.‬‬

                                                          ‫‪ -‬مع ِك حق‪ ،‬سأدخل إلى الغرفة‪ ،‬وأحاول أن أنام‪.‬‬

                                         ‫وعندما دخلت أم آسر لتنام‪ ،‬أردفت فاطمة موجهة حديثها إلى حورية‪:‬‬
       ‫‪ -‬لابد أن آسر حزين الآن‪ ،‬ما أريك يا حورية أن نصنع له هدية‪ ،‬ونعطيها له في الزيارة المقبلة؟ هل‬

                                                                     ‫لدي ِك أي فكرة ماذا يمكن أن نصنع له؟‬

       ‫سكتت حورية فترة‪ ،‬وكأنها دخلت نوبة من نوبات الشرود والخيال‪ ،‬وكزتها فاطمة فانتبهت مذعورة‪ ،‬وقالت‪:‬‬
                                                                       ‫‪ -‬ماذا هناك يا فاطمة؟ لقد أرعبِتني‪.‬‬

‫‪110‬‬

                                                                                             ‫مسيلة للدموع‬
   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114   115