Page 132 - مسيلة للدموع
P. 132
بعد الحكم بب ارءة محمد ،استطاع والداه أن ينقلوه من مستشفى السجن؛ ليسافر إلى الولايات المتحدة
الأمريكية؛ لكي يتلقى العلاج هناك.
إن مهمة العلاج أصبحت صعبة جدا ،فكما أن محمدا ُيحّبه الجميع وتحبه الزهور والشمس والسماء ،فقد
أحّبه السرطان ،وتشّبث بدمائه ،ولم يتركها.
بدأ محمديأخذ جرعات العلاج الكيماوي ،ذلك العلاج القاسي الذي يسبب آلاما مبّرحة في كل أنحاء
الجسد ،وُيفقد المريض حاسة التذوق ،ويهد الجسم هًّدا ،ألٌم فوق ألم فوق ألم.
بدأ شعر محمد يتساقط ،كأي مريض سرطان يعالج بالعلاج الكيماوي ،لملمه بيديه المتعبتين ،ووضعه
في كوب ،فلربما لن يرى شعره ينبت مرة أخرى ،فلتب َق كل شعرة سقطت من أرسه لعنة على الس َّجانين.
صداقة تكونت من طوابير الزيارة ،وامتدت حتى انتهى الطابور ،وانتهت الزيارة ،وانتهى الاعتقال.
اتصلت أم آسر بأم محمد؛ لتطمئن على صحته ،أخبرتها أم محمد بأن وضعه خطير ،ولكن الأمل دائما
يظل موجودا في قدرة الله ،أوصتها بالدعاء لمحمد ،وأن تخبر الناس بأن يدعوا له؛ فلع ّل دعوة خرجت من
قلب صادق يستجيب لها الله.
وأردفت أم محمد:
-كيف حال آسر وحورية؟
-آسر لم يخرج بعد ،سينتهي المحامون من إج ارءات الخروج أولا ،وحورية على أفضل ما ُي ارم ،ذهبت مع
فاطمة لش ارء فستان للزفاف ،نريد عمل حفل زفاف كبير ،يحضره كل الأحَبّاء.
-أعاده الله سالما غانما ُمعافى ،بارك الله لهما ،وبارك عليهما ،وجمع بينهما في خير.
-أسأل الله أن يع ّجل بشفاء محمد ،وأن تعودوا سالمين؛ لتحضروا معنا الحفل ،سيفرح آسر كثي ار بحضور
محمد.
-ومن يدري يا أم آسر ،لعل ما ن اره مستحيلا يجعله الله ممكنا بأمر من عنده ،فيكون.
132
مسيلة للدموع