Page 138 - مسيلة للدموع
P. 138
التجويع نه ٌج أساسي من مناهج العقرب .برغم أن شهر رمضان كما ُيقال«:الشهر الكريم» ،إلا أن
الزنازين كانت أشحة على المعتقلين.
وجبة واحدة في اليوم ،تكفي َك سحو ار وَفطو ار.
وجبة هزيلة جدا :رغيف خبز ،وبعض الحلاوة أو الجبن ،أو ملعقتان من الأرز ،وشيء من الخضروات
المطبوخة سيئة الطهو .وأحيانا تمرة أو تمرتان ،لزوم الشهر الفضيل.
تقدم الوجبات قبل موعد الفطور ،وعليك أن تخبّئ بعضها ،وترجئه لوقت السحور ،فيكون الطعام قد فسد،
وأصبح غير صالح للأكل ،ومع ذلك كان يأكله المعتقلون؛ لأن ليس هناك سواه.
أحيانا تُماَرس عقوبة التجويع بشكل أشنع من ذلك ،ولا يتم تقديم أي وجبة طعام خلال اليوم نهائيا ،وكان
ذلك يحتم على المعتقلين تجفيف الخبز وتركه؛ ليأكلوه وقت الحاجة الشديدة ،والاحتفاظ بنواة التمر
والتصبر بها ،حينما لا توجد كسرة خبز للأكل.
ُيسمح أحيانا للمعتقلين الش ارء من (كانتين) السجن ،والذي يستوجب وجود أموال تضعها أسرة المعتقل في
خزينة الأمانات ،فينفق منها المعتقل وقت الحاجة ،ولكن وجبات (الكانتين) صغيرة جدا ،وباهظة الثمن
بشكل مبالغ فيه ،فلا يستطيع الأهل وضع مال يكفي لش ارء تلك الوجبات ،وحتى إن كان هناك من
القادرين على ش ارئها فإنها لا تُسمن ولا تُغني من جوع.
أليست زنازين العقرب مقابَر للأحياء؟!
138
مسيلة للدموع