Page 139 - مسيلة للدموع
P. 139
استيقظت الحاجة سلوى على صوت أّنا ٍت وآهات ،نظرت إلى السرير لم تجد تالا ،هرولت مسرعة إلى
الحمام لتجد تالا في حالة مزرية ،تقّيأت حتى أفرغت كل ما بمعدتها ،ورغم ذلك لا يتوقف شعورها بالرغبة
في التقيؤ.
كانت تشعر بالدوار حتى كادت تسقط أرضا ،لولا أن الحاجة سلوى أسندتها ،هرولت سلوى تطرق على
باب الزن ازنة ،وتنادي؛لعّلها تجد إجابة من إحدى الس َّجانات ،حتى أتت إحداهن ،فأخبرتها بما ح ّل لتالا،
وبعد فترة أتت الس ّجانة ،وأخذت تالا لتعرضها على طبيب السجن.
انتشرت الأقاويل والتكهنات بين السجينات بأن الطعام الذي أكلت منه تالا لابد أنه قد ُب َّخ فيه سٌم لثعبان؛
فالطعام الذي يأكلون منه هو طعام كل يوم ،والمعتقلات جميعهن أكلن منه،فلماذا لم تصب إحداهن
بوعكة صحية مثلما أُصيبت تالا؟
انتشر الذعر والهلع بين المعتقلات ،استعصى عليهن العيش والنوم والأمان ،سواء كان تفسير سم الثعبان
في طعام تالا صحيحا أم لا فإ َّن الوضع المحيط مرعب إجمالا.
أيعقل أن تحيا الفتيات والثعابين تحيط بهن في كل مكان ،وألاّ تشعرن بأمان لا في وقت النوم ولا في
وقت الاستيقاظ؟
كانت المعتقلات تق ّسمن أنفسهن قسمين :قسم ينام فترة ،والآخر يحرسه لمنع أي خطر يمكن أن يحدث
للمعتقلات النائمات ،وكلما ازدت الشكوي قامت إدارة السجن بتكذيب شكواهن بأن ليس هناك شيء ،وحتى
إن كان فأنتن في سجن ،ولستُن في ُنزهة.
رع ٌب داخل الزن ازنة وفي الزنازين المجاورة ،ولا أحد يستمع أو يجيب،وكأ َّن هلع الفتيات يزيدهم أمانا،
وص ارخهن يشحن كبرياءهم الحقير.
139
مسيلة للدموع