Page 140 - مسيلة للدموع
P. 140
نزل الجميع إلى الشارع ،لم يحدث هذا المشهد منذ فترة طويلة بتلك الأعداد ،وذلك التوحد والتنّوع من
جميع الطوائف الثورية والشبابية ،وحتى العواّم.
يهتفون جميعهم«الأرض مصرية».
ثارت الحشود على إعلان السلطات المصرية التنازل عن جزيرتي تي ارن وصنافير للمملكة العربية
السعودية ،بحجة أن الجزيرتين من نطاق الأ ارضي السعودية ،واتّهم المتظاهرون السلطات ببيع أ ار ٍض
مصرية ،والتفريط في ت ارب الوطن من أجل حفنة من المال.
نزل عادل التظاه ارت المنددة بالتنازل عن جزيرتي تي ارن وصنافير للسعودية ،ولكن هذه المرة بدون دينا،
حبيبته وشريكته في المسار الثوري منذ البداية..
دينا التي قتلوها ،جعلوا دماءها تسيل على جسده ،وتل ّطخ ملابسه ،وتكون كابوسا يطارده ،وألما لن يتعافى
منه..
نزل هذه المرة ،ولكنه رفض أن يذهب وحيدا دون أن يصطحب معه جزءا منها ،وشيئا من ارئحتها،
خصلة من روحها ،ابنته مريم ،أليست جزءا من دينا؟
بعينيها التمرد نفسه،والثورة نفسها ،ومسكة يدها بيد أبيها تشبه لمسات أمها ،أليست عنيده مشاغبة كأمها؟
أليست تحب الحرية ،وتضجر عندما يربط أبوها خصلات شعرها ب اربطة شعر من المطاط؟ فتنزعها
وترميها أرضا ،تاركة شعرها ينساب في الهواء.
يا ابنة أمك ،اشتقت لمن ورث ِت عنها الثورة والحنان.
تعلمين يا ابنتي ..سأخبرك عمليا كيف كانت أمك تحيا؟ وكيف كانت تسير؟ كانت تسير مثلما نسير نحن
الآن ،وسط الحشود ،والهتافات ،وكلمة الحق ،وطلب الحرية.
بدأت الأجهزة الأمنية ببسط قواتها عند أماكن الاحتجاجات ،وعادت كّرتها المعتادة بفض التظاه ارت،
واعتقال العش ارت ،ونثر الغا ازت المسيلة للدموع ،وطلقات الخرطوش.
140
مسيلة للدموع