Page 94 - مسيلة للدموع
P. 94

‫قالت أم آسر‪:‬‬
      ‫‪ -‬سأنام هذين اليومين كما لم أَنم طوال الأشهر الثلاث السابقة‪ ،‬سأحلم كما لم أحلم من قبل‪ ،‬وأضحك‬

                                                                       ‫كما لو أنها أول ضحكة في حياتي‪.‬‬

                                                                                      ‫ردت فاطمة مازحة‪:‬‬
                                                                ‫‪ -‬افعلي ما يحلو ل ِك سيدتي؛ فاليوُم يومك‪.‬‬

                                                                     ‫أخذت حورية فاطمة من يدها‪ ،‬وقالت‪:‬‬
                                             ‫‪ -‬هّيا لنصنع الكعكة‪ ،‬فسنأكل نحن أيضا كما لم نأكل من قبل‪.‬‬

      ‫دّبت الحياة في بيت آسر من جديد‪ ،‬اكتنفه صوت الضجيج والصياح الربيعي الجميل‪ ،‬فقد كان هادئا‬
      ‫طوال الفترة الماضية‪ ،‬فك ٌل يبكي وحيدا في ركن من أركان البيت‪ ،‬فالبيت واسع‪ ،‬يمكنك أن تختبئ فيه كما‬
      ‫يحلو لك‪ِ ،‬اختِبئ‪ ،‬واب ِك‪ ،‬ولا تخبر أحدا‪ ،‬واذا فرغت من بكائك امسحه على مهل‪ ،‬وانتظر قليلا حتى يهدأ‬

                                   ‫احم ارر عينيك وأنفك ثم ُعد إلى صالة المنزل ارسما على وجهك البسمات‪.‬‬

                     ‫لم تتوقف حورية وفاطمة عن الثرثرة‪ ،‬عن الخيال‪ ،‬وصناعة الأحداث‪ ،‬والتنبؤ بما سيجري‪.‬‬
                                                                                            ‫قالت حورية‪:‬‬

            ‫‪ -‬كيف ستكون النظرة الأولى‪ ،‬والكلمة الأولى‪ ،‬ورّد الفعل الأول حين رؤيته؟ وكيف ستنتهي الزيارة؟‬

                                                                                   ‫ردت فاطمة مستدركة‪:‬‬
                                   ‫‪ -‬لا‪ ،‬لا‪ ،‬دعينا من التفكير في نهاية الزيارة؛ لكي لا نعكر صفو سعادتنا‪.‬‬

             ‫كانت فاطمة وحورية تقفان في المطبخ‪ ،‬وكانت فاطمة تفتّش في الأرفف؛ لتحضر مكونات الكعكة‪.‬‬
                                                                                            ‫قالت فاطمة‪:‬‬

              ‫‪ -‬لدينا ما يكفي من السكر‪ ،‬وأكياس (الفانيليا)‪ ،‬ولكن ليس هناك ما يكفي من الدقيق و(الكاكاو)‪.‬‬

                                                                                   ‫قالت حورية مستدركة‪:‬‬
                                                                 ‫‪ -‬لا علي ِك‪ ،‬سأذهب وأُحضر من الع ّطار‪.‬‬

‫‪94‬‬

                                                                                            ‫مسيلة للدموع‬
   89   90   91   92   93   94   95   96   97   98   99