Page 112 - m
P. 112
العـدد 57 110
سبتمبر ٢٠٢3
-تخاطب نفسها “وحدي جلست أردد اللحن
القديم”.
واللافت أن هذه الرموز الموجودة في النص،
والتي تشير إلى حوار سردي مع الآخر،
والذات ،والواقع ،تتحول إلى أفكار ومنظورات
مصاحبة للمنظور الأول والأساس في تقديم
رؤيتها الجمالية للوجود .والمنظور بلاغيًّا هو
حالة فكرية تمثل الكل الوجودي للذات في النص،
الكل المنظور ،والكل المدرك ،الكل القيمي ،والكل
الإيديولوجي ،والكل الإنساني ،وهو هنا -أقصد
المصطلح -يتعالى على فكرة «وجهة النظر» في
النظرية السردية ،لأنها ترتبط بذات ما في حالة
ضيقة ،وتكتفي بالفعل الذي تمارسه الشخصية،
ولكن فكرة المنظور ،وهي من أفكار البلاغة
العربية الجديدة التي أؤسس لها ،تعمل من خلال
«الكل الوجودي» وهذا ما يجعل من النص في ًضا
بصر ًّيا وذهنيًّا وقيميًّا ،ويمكن من خلال هذا
التفسير أن نتحول إلى الرمز الذي استخدمته
الشاعرة في النصوص ،وجعلت منه أحيا ًنا فكرة
مركزية ،وأحيا ًنا فكرة مصاحبة.
هذا الطرح يتشكل في القصائد المفتوحة الوزن،
والتي تشبه قصيدة التفعيلة من جانب ،وتصر
على مفردات من القصيدة العمودية ،فنجدها في
قصيدة «ما أجملك» تعيد الذاكرة بقولها:
“وتظل صورتك القديمة ها هنا
كالقلب في صدر الجدار
عشرون عا ًما أو يزيد ُت َكلِّلُ ْك
مثلي تظن اليوم أنك من هلك»
فيض الذاكرة يطل برأسه من قلب القصيدة،
ولكن الشاعرة ،وبالأدوات التي ألزمت بها نفسها
تقف عند الحد المعنوي الذي تحدده القاقية ،وذلك
لمجرد الحصول على وقفة إيقاعية فيها مفارقة
أحيا ًنا ،وتخلو من الأفكار أحيا ًنا إلى حصول
القصيدة على إيقاعية منغمة ،ولا أدري لماذا لا
تترك الشاعرة هذا الفيض ينساب انسياب المعنى
في الجملة الشعرية ،ثم يقف عند الحد الذي لا
يكتمل ،ثم تعود إلى حالة الانسياب دون التقيد
بالأفكار الإيقاعية ،فإذا كانت للوقفة الإيقاعية
بعض الإيجابيات ،إلا أنها تحد من هذا الفيض،