Page 121 - m
P. 121

‫نون النسوة ‪1 1 9‬‬

                 ‫وشاكلته؛ لتداخل الأصوات فيه‪-‬‬          ‫يشبه انفجار الحرب العالمية الثانية التي‬
               ‫هو الجيل الذي تنتمي إليه الشاعرة‬           ‫كانت طاغية آنذاك؛ وقد استمرت هذه‬
               ‫المصرية عبير زكي والتي تأتي هذه‬
            ‫الدراسة حول ديوانها (نصف احتمال‬           ‫السلطة طاغية على غيرها من سلطتي الشعر‬
             ‫للفرح) الصادر في العام ‪2022‬م‪ ،‬عن‬            ‫العمودي وقصيدة النثر‪ ،‬حتى مطلع‬
            ‫دار الرضا للطباعة والنشر‪ ،‬والذي جاء‬          ‫القرن الحادي والعشرين‪ ،‬والذي‬
          ‫في ‪ 86‬صفحة من القطع المتوسط‪ .‬فعبير‬
             ‫زكي‪ ،‬وكما تشير سيرتها الذاتية التي‬       ‫اتحدت فيه السلطات الثلاث بتمازج‬
              ‫أثبتتها في آخر صفحات الديوان‪ :‬هي‬          ‫عجيب؛ إذ مزج كثير من أساطين‬
               ‫شاعرة مصرية‪ ،‬من مواليد القاهرة‪،‬‬          ‫شعر التفعيلة بين الأشكال الثلاثة‪،‬‬
    ‫‪1969‬م‪ ،‬لها تجربة عميقة مع الشعر‪ ،‬توجتها‬             ‫وكأنهم يشيرون إلى وحدة ابن عربي‬
‫بإصدار ستة دواوين‪ ،‬ابتدا ًء من ديوانها الأول (من‬                                 ‫الشهيرة‪:‬‬
  ‫خلف انبعاث النور) الصادر في العام ‪2008‬م‪ ،‬إلى‬             ‫لقد صا َر قلبي قا ِب ًل ُكل صور ٍة‬
‫هذا الديوان (نصف احتمال للفرح) الصادر في العام‬              ‫فومبري ًٌعتى ِلَلوغثزال ٍان‪ٍ،‬ن‪،‬و َكودع ْيب ٌرُة ل ُطراهٍئباف ِ‪،‬ن‬
                                                            ‫وألوا ُح تورا ٍة‪ ،‬ومصح ُف ُقرآ ِن‬
                               ‫الماضي ‪2022‬م‪.‬‬               ‫أَدريكُنا ِئبُبد ُهي‪ِ ،‬نفاالل ُُحح ُبب أَدنينى َيَتوَوإِجي َهما ْتني‬
                                                        ‫كان هذا حال أغلب الشعراء‪ ،‬وإن‬
           ‫عتبة ال ُعنوانات‬                              ‫تمسك الكثيرون بالدين الواحد‪،‬‬
                                                           ‫فالتزم فريق منهم العمود‪ ،‬وفريق‬
 ‫إن أول ما يبدأ الناقد قراءته هو العنوان‪ ،‬ومن خلال‬
‫عنوان الديوان‪ ،‬وال ُعنوانات الداخلية للقصائد‪ ،‬تتكون‬   ‫التفعيلة‪ ،‬وفريق ثالث قصيدة النثر‪ .‬على أن من‬
                                                        ‫ينظر إلى المشهد الشعري اليوم‪ ،‬يدرك أن الحدود‬
    ‫العتبة الأولى‪ ،‬والتي تفتح مصراعي الباب واس ًعا‬      ‫بين الأشكال قد صارت ِجد واهي ٍة‪ ،‬وأن التراكيب‬
‫للدخول‪ .‬وعند إلقاء نظرة سريعة على هذه العنوانات‪،‬‬         ‫قد اتخذت كامل زينتها منزاحة متناصة مع كل‬
‫نقف عند أكثر من افتراض نقدمه بين يدي الدراسة‪،‬‬
                                                      ‫الثقافات‪ ،‬ما جعل حدود الموسيقى حدو ًدا كنتورية‪،‬‬
  ‫باحثين عن إثباته‪ ،‬أو نفيه‪ ،‬دون أن نجر النصوص‬       ‫لا وجود لها عند كثير من الشعراء‪ ،‬أو لا يقدسونها‬
          ‫على توافق فرضياتنا‪ .‬وهذا أوان الابتداء‪.‬‬
                                                                             ‫ذات القداسة التي كانت‪.‬‬
            ‫عنوان الديوان‬                             ‫ما جعلنا نتخذ من الموسيقى مدخ ًل لهذه الدراسة‪،‬‬
                                                     ‫هو إشارة نراها من الأهمية بمكان‪ ،‬فموت المؤلف لا‬
   ‫جاء عنوان الديوان موحيًا رام ًزا‪ ،‬من خلال اتخاذ‬   ‫مكان له في الشعر ‪-‬وإن قبله السرد؛ لأنه من جنسه‬
‫الفرح هد ًفا ومرمى‪ ،‬وإذا كنا بين احتمالين‪ :‬الفرح أو‬
   116   117   118   119   120   121   122   123   124   125   126