Page 20 - m
P. 20

‫العـدد ‪57‬‬                                   ‫‪18‬‬

                                                ‫سبتمبر ‪٢٠٢3‬‬

  ‫في زاوية السب من الله لهما‪ ،‬تكرره ألسنة‬           ‫دمشق ومكة والمدينة والكوفة والبصرة‪،‬‬
     ‫المسلمين عند كل صلاة إلى يوم القيامة!‬           ‫ثم أضيفت ثلاث قراءات أخرى لتصبح‬
                                                     ‫عشر قراءات رسمية للقرآن‪ ،‬ثم أضاف‬
  ‫وإذا ما عرفنا وقت وسبب ظهور مثل هذه‬              ‫الإمام البنا الدمياطي المتوفى سنة ‪١١١٧‬هـ‬
      ‫التفسيرات في عصر الخليفة أبو جعفر‬             ‫أربع قراءات أخرى‪ ،‬ولم يتوقف العدد في‬
                                                   ‫القراءات المختلفة إلى هذا الحد‪ ،‬فقد ظهرت‬
 ‫المنصور العباسي‪ ،‬وما كان يحمله من عداء‬          ‫خمسون قراءة مختلفة بحسب ابن مجاهد‪،‬‬
       ‫لعمه عبد الله بن علي‪ ،‬لبطل العجب!”‪.‬‬      ‫وألف وأربعمائة وتسعة وخمسين رواية‬
                                                  ‫وطريقة بحسب الهذلي‪ ،‬مما اضطر علماء‬
    ‫والاختلاف في القراءات باب كبير أي ًضا‪،‬‬        ‫الإسلام إلى وضع فتوى بعدم الاجتهاد في‬
    ‫وهو ليس موضوع هذه الكتابة لأتوسع‬              ‫ضم المزيد من القراءات للقراءات الرسمية‪،‬‬
‫فيه‪ ،‬لكنني سأشير ‪-‬فقط‪ -‬إلى بعض الأمثلة‬          ‫واعتبروا كل القراءات ما بعد القراءات الأربع‬
  ‫من الاختلافات بين مصاحف المدينة ومكة‬             ‫عشرة‪ ،‬هي «قراءات شاذة”‪ ،‬وهذا إن دل‬
 ‫والكوفة والبصرة والشام‪ ،‬ففي البقرة ‪132‬‬         ‫على شيء فإنما يدل على أن هذه القراءات هي‬
   ‫جاء في المدينة والشام لفظ (وأوصى) وفي‬        ‫فقط اجتهاد من القراء‪ ،‬وبنفس المنطق (منطق‬
   ‫ال ُأ َخر تبدل إلى (وو َّصى)‪ ،‬وفي النساء ‪66‬‬  ‫الاجتهاد) يمكن قراءة هذا النص تحت قواعد‬
   ‫ورد في جميعها (إلا قليل) وفي الشام (إلا‬        ‫علمية جديدة تخص مادة الفيلولوجيا‪ ،‬هذه‬
‫قليلا)‪ ،‬وفي المائدة ‪ 54‬ورد في المدينة والشام‬      ‫المادة التي أعطت قراءة جديدة للقرآن تعيد‬
    ‫(من يرتدد)‪ ،‬وفي الباقي (من يرتد)‪ ،‬وفي‬         ‫قراءته لزمان ظهوره‪ ،‬فتتضح بهذه القراءة‬
     ‫الأنعام ‪ 32‬ورد (وللدار) في جميعها إلا‬          ‫الجديدة الكثير من المقاطع الغامضة التي‬
 ‫الشام (ولدار)‪ ،‬وفي الأنعام ‪( 9‬لئن أنجيتنا)‬     ‫اختلف المفسرون في تفسيرها على العديد من‬
   ‫في الجميع إلا الكوفة (لئن أنجينا)‪ ،‬الأنعام‬   ‫الأقوال‪ ،‬رغم إيمانهم بأنه قرآن عربي مبين‪،‬‬

      ‫‪( 137‬شركاؤهم) في الجميع إلا الشام‬                          ‫أي واضح لا غموض فيه!‬
      ‫(شركائهم)‪ ،‬الأعراف ‪( 3‬تذكرون) في‬                ‫طب ًعا الدراسات الفيلولوجية للقرآن ما‬
   ‫الجميع وفي الشام (يتذكرون)‪ ،‬وهناك (إذ‬          ‫زالت في بداياتها‪ ،‬وتحتاج لتضافر الجهود‬
‫أنجينكم‪ /‬إذ أنجاكم)‪( ،‬يسيركم‪ /‬ينشركم)‪،‬‬             ‫بين الباحثين والمتخصصين في هذه المادة‬
    ‫(خي ًرا منهما‪ /‬خي ًرا منها)‪( ،‬بما كسبت‪/‬‬        ‫للوقوف نسبيًّا على القراءة الصحيحة لهذا‬
    ‫فيما كسبت)‪ ..‬إلخ‪ ،‬وقد رصدت الباحثة‬             ‫النص‪ ،‬وبالتالي تحديد التشريع والأحكام‬
  ‫الفلسطينية الأمريكية ميسون الشوابكة‬               ‫في ظل المفهوم اللغوي الذي يريده النص‬
 ‫(في مقال لها نشر في مجلة ميريت الثقافية‪،‬‬       ‫القرآني‪ ،‬وليس ما توصل إليه علماء الإسلام‬
 ‫العدد رقم (‪ -)50‬فبراير ‪ )2023‬إحصائية‬             ‫من أمور قد تكون مختلفة تما ًما عما كانت‬
   ‫للاختلافات بين هذه المصاحف على النحو‬             ‫عليه الأمور في عصر ظهوره‪ ،‬فلو أخذنا‬
‫الآتي‪« :‬مصحف المدينة زاد بـ‪ 16‬موقع‪ ،‬وغيَّر‬        ‫‪-‬على سبيل المثال لا الحصر‪ -‬سورة المسد‬
  ‫الواو لـ فاء في مكانين‪ /.‬مصحف مكة زاد‬              ‫بحسب علم الفيلولوجيا‪ ،‬سنجد السورة‬
 ‫بـ‪ 18‬موقع فقط‪ /.‬مصحف الكوفة زاد بـ‪13‬‬               ‫بأكملها تتحدث عن البخل وتذم صاحبه‪،‬‬
     ‫موقع فقط‪ /.‬مصحف البصرة زاد بـ‪19‬‬               ‫وتنبهه لما قد يؤول إليه أمره من مؤامرات‬
‫موقع فقط‪ /.‬مصحف الشام زاد بـ‪ 19‬موقع‪،‬‬              ‫في الدنيا من أقرب الناس إليه قبل الآخرة‪،‬‬
‫وغيَّر حرف عن حرف باء ‪ 8‬مواقع‪ .‬ولم يتفق‬         ‫لكن تفسير علماء الإسلام لهذه السورة ذهب‬
                                                   ‫بعي ًدا ليجعل أحد أعمام الرسول وزوجته‬
          ‫أي من هذه المصاحف اتفاقًا تامًّا”‬
   15   16   17   18   19   20   21   22   23   24   25