Page 19 - m
P. 19

‫‪17‬‬  ‫افتتاحية‬

    ‫َو َع َد ِس َها َو َب َصلِ َها” (البقرة‪ ،)61 :‬وفي تفسير‬     ‫َتستخ ِدم هذه الرقعة بشكل خاص النقاط برتقالية اللون لتم ِّثل‬
        ‫ابن كثير جاء‪“ :‬فالبقول والقثاء والعدس‬                                   ‫الفتحة والكسرة والتنوين بهما‬
          ‫والبصل كلها معروفة‪ .‬وأما الفوم فقد‬
                                                             ‫سألتم أزواج رسول الله َ َّص الله َع َل ْي ِه َو َسلَّم‬
     ‫اختلف السلف في معناه‪ ،‬فوقع في قراءة ابن‬                     ‫ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج‬
    ‫مسعود وثومها بالثاء‪ ،‬وكذلك فسره مجاهد‬
                                                               ‫متا ًعا ( َفا ْس َأ ُلو ُه َّن ِم ْن َو َرا ِء ِح َجا ٍب)‪ ،‬يقول‪:‬‬
        ‫في رواية ليث بن أبي سليم‪ ،‬عنه‪ ،‬بالثوم‪.‬‬                   ‫من وراء ستر بينكم وبينهن‪ ،‬ولا تدخلوا‬
    ‫وكذا الربيع بن أنس‪ ،‬وسعيد بن جبير‪ .‬وقال‬                        ‫عليهن بيوتهن”‪ .‬وأصبحت تعني غطا ًء‬
                                                                                               ‫للشعر!‬
       ‫ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أُبي‪ ،‬حدثنا عمرو بن‬                     ‫وثان ًيا‪ :‬فإن كثي ًرا من ألفاظ القرآن لها‬
       ‫رافع‪ ،‬حدثنا أبو عمارة يعقوب بن إسحاق‬
      ‫البصري‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن الحسن‪ ،‬في قوله‪:‬‬                      ‫أصول فارسية وسريانية وعبرية ويونانية‬
                                                                ‫وحبشية‪ ..‬وغيرها‪ ،‬مثل‪ :‬أباريق‪ ،‬إستبرق‪،‬‬
          ‫(وفومها) قال‪ :‬قال ابن عباس‪ :‬الثوم‪.‬‬                  ‫زنجبيل‪ ،‬سجيل‪ ،‬طاغوت‪ ،‬فردوس‪ ،‬ماعون‪،‬‬
       ‫قالوا‪ :‬وفي اللغة القديمة‪ :‬فوموا لنا بمعنى‪:‬‬              ‫مشكاة‪ ..‬ومثلها أي ًضا قوله “ ُي ْخ ِر ْج َل َنا ِم َّما‬

        ‫اختبزوا‪ .‬وقال ابن جرير‪ :‬فإن كان ذلك‬                        ‫ُتنبِ ُت ا ْ َل ْر ُض ِمن َب ْقلِ َها َو ِقثَّا ِئ َها َو ُفو ِم َها‬
      ‫صحي ًحا‪ ،‬فإنه من الحروف المبدلة كقولهم‪:‬‬
       ‫وقعوا في عاثور شر‪ ،‬وعافور شر‪ ،‬وأثافي‬
      ‫وأثاثي‪ ،‬ومغافير ومغاثير‪ .‬وأشباه ذلك مما‬
    ‫تقلب الفاء ثاء والثاء فاء لتقارب مخرجيهما”‪.‬‬

         ‫أنا آتيك هنا بتفسيرات متقدمة تقول إن‬
       ‫بعض الأحرف ُب ِّدلت لتقارب المخارج (!!)‪،‬‬
       ‫مثل الفاء والثاء‪ ،‬وربما ثمة أحرف أخرى‬
        ‫يبدلها العرب حتى يومنا هذا‪ ،‬مثل الجيم‬
     ‫(بثلاث نقاط) والياء‪ ،‬والجيم (بنقطة واحدة‬
    ‫أو الجيم المصرية) والقاف‪ .‬ولاحظ أن هؤلاء‬
        ‫المتقدمين يبررون ويصححون إبدال هذه‬
    ‫الحروف في القرآن‪ ،‬فلم يج ِّرموا ابن مسعود‬

           ‫لأنه يقرأ الآية (ثومها) بدل (فومها)!‬
     ‫الأستاذ محمد لمسيح له إبحارات في معاني‬

        ‫بعض الكلمات الأعجمية‪ ،‬تفتح النصوص‬
        ‫على تأويلات أخرى غير المشهورة‪ ،‬وعن‬

          ‫هذا الاختلاف حدثني في حوار أجريته‬
       ‫معه نشر في (مجلة ميريت الثقافية) العدد‬
      ‫رقم (‪ -)38‬فبراير ‪ ،2022‬قال ‪-‬وسأورد‬
        ‫استشها ًدا طوي ًل بعض الشيء‪“ :-‬النص‬

           ‫القرآني الذي بين أيدينا الآن في أصله‬
       ‫ومخطوطاته القديمة لم يكن فيه تنقيط أو‬
      ‫علامات الإعراب أو الهمزة أو ألف الم َّد نظ ًرا‬
    ‫لبدائية خطه‪ ،‬مما نتج عن ذلك وجود قراءات‬
       ‫مختلفة عديدة اع ُت ِرف بسبع قراءات‪ ،‬منذ‬

          ‫بداية الأمر‪ ،‬وتنتمي لخمس مدارس في‬
   14   15   16   17   18   19   20   21   22   23   24