Page 24 - m
P. 24

‫العـدد ‪57‬‬   ‫‪22‬‬

                                                       ‫سبتمبر ‪٢٠٢3‬‬

 ‫ما يتفق مع فكره ورؤاه؛ كي تكون معو ًل يهدم‬              ‫هناك أوصاف تتوالى أو ترى‪ ،‬لكن ليس هناك أي‬
‫من خلاله القيم والتصورات التي يراها بالية‪ ،‬أو‬             ‫كشف عن أي بعد عميق لا في شخصية العاشق‪،‬‬
‫قد بليت‪ ،‬ومن هذه الشخصيات التي استحضرها‬                  ‫ولا المعشوقة‪ .‬المرأة العربية كما هي غير موجودة‬
                                                       ‫في المجتمع العربي ككيان حر في ملحق وتابع‪ ،‬كذلك‬
        ‫أدونيس شخصية أبي سعيد الحسن بن‬
       ‫بهرام الجنابى(‪ )6‬الذي يعد أحد مؤسسي‬                        ‫هي غير موجودة في الشعر العربي»(‪.)5‬‬
                                                               ‫وهذا الأمر يطرح سؤا ًل يظل مسيط ًرا‪ :‬هل‬
             ‫الحركة القرمطية‪ ،‬تلك الحركة التي‬              ‫المرأة كائن أدني من الرجل؟ هذا ما لا نجده في‬
          ‫أشاد أدونيس بها‪ ،‬والتي اعتبرها على‬             ‫النصوص الدينية الصحيحة ن ًّصا وتفسي ًرا والتي‬
                                                        ‫تساوي بينهما‪ ،‬وتجعلهما أندا ًدا على مستوى الفكر‬
            ‫رأس الحركات الثورية على مستوى‬              ‫والعبادة‪ ،‬ولكنها الأنساق الفكرية المظلمة التي ملأت‬
             ‫التنظيم حيث قال‪« :‬اتخذت الحركة‬             ‫تصوراتنا الثقافية في القديم‪ ،‬وما زلنا نستحضرها‬

                ‫الثورية شكلها التنظيمي الأكمل‬                                                ‫إلى اليوم‪.‬‬
                  ‫في القرمطية‪ .‬ولئن كانت هذه‬              ‫هذا التصور الذي لا بد أن ُيمحى جذر ًّيا‪ ،‬و ُيبنى‬

               ‫الثورة متعددة لا تجمعها أسباب‬                    ‫بد ًل منه نسق مغاير‪ ،‬ونظرة مختلفة تليق‬
            ‫واحدة ولا غايات واحدة‪ ،‬فقد كانت‬                ‫بالمرأة باعتبارها إنسا ًنا‪ ،‬رو ًحا‪ ،‬كيا ًنا مغاي ًرا له‬

               ‫تجمعها فكرة واحدة‪ ،‬على الأقل‪،‬‬                                              ‫خصوصيته‪.‬‬
               ‫هي القول بالخروج على الطغيان‬            ‫أما الخطأ الذي يقع فيه أدونيس‪ ،‬ويكرره هو الخلط‬
                                                        ‫بين النص الأول المتمثل في الوحي‪ ،‬والنص الثاني‪،‬‬
                 ‫أو على «السلطان الجائر»‪ ،‬وفي‬
              ‫إعطاء الإسلام عمليًّا بع ًدا إنسانيًّا‪،‬‬    ‫وهي التصورات التي انبثقت من هذا الوحي التي‬
                                                            ‫يؤخذ منها ويرد‪ ،‬ومن الواضح أن أدونيس لا‬
                ‫أمميًّا‪ ،‬يتجاوز القومية والجنس‬
           ‫إلى الإنسان بما هو إنسان‪ .‬والمساواة‬           ‫يحلل تحلي ًل فلسفيًّا‪ ،‬أو علميًّا‪ ،‬القيم التي يهدمها‪،‬‬
          ‫بينهما اقتصاد ًّيا‪ ،‬وف ًقا للعدالة والحق‪،‬‬       ‫وإنما يعرضها بشكل يجعلها مشبوهة‪ ،‬فمتهمة‪،‬‬

                    ‫فيما سمي بـ»نظام الألفة»‬            ‫فمرفوضة‪ .‬إنه يحاول‪ ،‬بتعبير آخر‪ ،‬أن يظهر خطأ‬
              ‫الاشتراكي‪ ،‬الذي وضعته الحركة‬              ‫التفسيرات التي تقدمها الأديان والأخلاق التقليدية‬

                ‫القرمطية‪ ،‬هكذا يبدو أن الثورة‬                                          ‫للعالم والإنسان‪.‬‬
              ‫على البنية السياسية‪ -‬الاقتصادية‬
               ‫التي يمثلها النظام الأموي‪ ،‬كانت‬

                                                                    ‫ثان ًيا‪ :‬رؤية‬
                                                                     ‫أدونيس‬
                                                                    ‫للمهمشين‬
                                                                    ‫في التاريخ‬
                                                                      ‫العربي‬

                                                                        ‫لا شك أن‬
                                                                     ‫الشاعر حين‬

                                                                         ‫يستدعي‬
                                                                      ‫الشخصيات‬
                                                                    ‫التاريخية‪ ،‬إنما‬
                                                                    ‫يستدعي منها‬
   19   20   21   22   23   24   25   26   27   28   29