Page 27 - m
P. 27

‫‪25‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

  ‫لا بد أن يكون هذا التصور واض ًحا في أذهاننا لا‬         ‫أساس ديني بحت‪ ،‬وهي رؤية قاصرة من وجهة‬
 ‫نراهن عليه‪ ،‬ولكن نضحي من أجله إن لزم الأمر؛‬                 ‫نظره‪ ،‬رؤية تنتمي للماضي أكثر من انتمائها‬
‫حبًّا لمجتمعاتنا وأوطاننا‪ ،‬بعي ًدا عن دغدغة المشاعر‪،‬‬               ‫للحاضر‪ ،‬قد تجاوزه الشاعر إذ يقول‪:‬‬
 ‫وإرضاء العامة؛ لأننا حين نفكر في معتقدات القراء‬                            ‫« َأ ْح ِر ُق ِمي َرا ِثي‪َ ،‬أ ُقو ُل َأ ْر ِضى‬
  ‫وما يستهويهم نكون بذلك نمارس حرفة الخداع‪،‬‬                                    ‫ب ْك ٌر‪ ،‬ول َا ُق ُبو ٌر في َش َبا ِبي‬
                                                                               ‫َأ ْع ُب ُر َف ْو َق اللهِ وال َّش ْي َطان‬
     ‫وهي لا تقل جر ًما عن الغش‪ ،‬بل أخطر وأشد؛‬                 ‫َد ْر ِبي َأ َنا َأ ْب َع ُد ِم ْن ُد ُرو ِب اللهِ وال َّش ْي َطان»(‪)16‬‬
  ‫لأنها مسؤولة عن كيف تنشأ‪ ،‬و ُتربي العقول؛ لا‬
‫شيء غير الحقيقة يمكن أن نكتب من أجله‪ ،‬الحقيقة‬             ‫كانت‪ ،‬إذن‪« ،‬فكرة موت الله» فكرة أولى وركيزة‬
 ‫وحدها هي الهدف والمسار الذي لا بد أن نفكر فيه‬          ‫أساسية في بناء هذا التصور‪ ،‬فلقد اعتقدت الذهنية‬

                                       ‫ويشغلنا‬             ‫الغربية أن انتزاع السلطة العليا من حكم السيد‬
                                                           ‫الأعلى يترتب عنه خلو العرش من السيد‪ ،‬فعلى‬
                            ‫الحواشي‪:‬‬
                                                                         ‫الإنسان المتفوق أن يتربع عليه‪.‬‬
 ‫‪ -1‬أدونيس‪ ،‬الكتاب‪ ،‬دار الساقي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪،1995 ،1‬‬
                                       ‫ج ‪ ،1‬ص‪.156‬‬                      ‫خاتمة‬

‫‪ -2‬أدونيس‪ ،‬تاريخ يتمزق في جسد امرأة‪ ،‬دار الساقي‪،‬‬        ‫أعرف أن أدونيس‪ ،‬في كل كتاباته‪ ،‬صاد ٌم على كافة‬
                   ‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪ ،2007 1‬ص‪.13‬‬            ‫المستويات‪ ،‬لكن هذا ما نحتاجه الآن؛ أن نحدث‬

     ‫‪ -3‬انظر‪ :‬محمد أركون‪ :‬من الاجتهاد إلى نقد العقل‬     ‫ُج ْر ًحا في جسد هذه الثقافة الهرمة إما لعلاجها‪ ،‬أو‬
           ‫الإسلامي‪ ،‬دار الساقي‪ ،‬ط ‪ ،1991 ،1‬ص‪.13‬‬         ‫لإزاحتها بعي ًدا عن الذهن العربي‪ ،‬لأنها ثقافة‪ ،‬في‬

 ‫‪ -4‬أدونيس‪ ،‬المحيط الأسود‪ ،‬دار الساقي‪ ،‬ط‪،2005 ،1‬‬       ‫أحايين كثيرة‪ ،‬تضر أكثر مما تنفع‪ ،‬وتغيِّب العقل لا‬
                                             ‫ص‪.98‬‬      ‫توقظه‪ ،‬ولكن ليس معنى ذلك الولع بالمنجز الغربي‪،‬‬

    ‫‪ -5‬أدونيس‪ ،‬الحوارات الكاملة‪ ،‬أعدها للنشر‪ :‬أسامة‬        ‫والدخول في مرحلة الاستلاب‪ ،‬وإن كان المنجز‬
     ‫إسبر‪ ،‬بدايات للنشر والتوزيع‪ ،‬سوريا‪ ،‬جبلة‪ ،‬ط‪،2‬‬        ‫الغربي يستحق الاستفادة منه ‪-‬لا شك‪ -‬للسير‬
                                ‫‪ ،2010‬ج ‪ ،3‬ص‪.33‬‬         ‫في طريق تحديث مجتمعاتنا العربية‪ ،‬لكن لا بد ألا‬
                                                       ‫ننسي أسلافنا الذين كانوا يحملون مشاعل الثقافة‪،‬‬
‫‪ -6‬وهو من كبار دعاة حمدان قرمط‪ ،‬والذي نجحت على‬             ‫والذين م َّهدوا الطريق لحضارة الرجل الأبيض‪.‬‬
‫يديه حركة القرامطة في منطقة الإحساء والبحرين‪ ،‬حيث‬
 ‫أسس دولته التي استمرت حتى سنة ‪358‬هـ‪ ،‬فتعددت‬
‫المعارك بين القرامطة‪ ،‬وجيوش الخلافة‪ ،‬وخاصة في عهد‬

                                     ‫الخليفة المكتفي‪.‬‬
   ‫‪ -7‬انظر‪ :‬الثابت والمتحول‪( ،‬بحث في الاتباع والإبداع‬
‫عند العرب‪ ،‬الأصول) ‪ ،‬دار الساقي‪ ،‬ط‪ 1994 ،7‬م‪ ،‬ج ‪،1‬‬

                                           ‫ص‪.125‬‬
                           ‫‪ -8‬الكتاب‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص‪.147‬‬
                            ‫‪ -9‬نفسه‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص‪.148‬‬
                           ‫‪ -10‬نفسه‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص‪.152‬‬
           ‫‪ -11‬المحيط الأسود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.253‬‬
           ‫‪ -12‬المحيط الأسود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.391‬‬
 ‫‪ -13‬انظر‪ :‬الثابت والمتحول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.9‬‬
                            ‫‪ -14‬الكتاب‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص‪.16‬‬

                                         ‫‪ -15‬نفسه‪.‬‬
                                 ‫‪ -16‬نفسه‪ ،‬ص‪.49‬‬
   22   23   24   25   26   27   28   29   30   31   32