Page 28 - m
P. 28

‫العـدد ‪57‬‬                          ‫‪26‬‬

                                                            ‫سبتمبر ‪٢٠٢3‬‬

‫د‪.‬أحمد كرماني عبد الحميد‬

‫شعرية الكلمات‪..‬‬
‫قراءة في ديوان‬
‫"مسجد على القمر"‬

‫يسعى الشاعر إلى البحث عن علاقات بين المختلفين من أصحابه‪ ،‬يسعى‬
‫إلى البحث عن بعث روح الوفاق والاتفاق‪ ،‬عن أصل واحد للإنسان‬
‫والأديان‪ ،‬يمثل الشاعر هنا بنفسه ذاك الأصل المرجو‪ ،‬فقد شرب من‬
‫نبعين‪( :‬ربابة‪ ،‬وليلة) وإن بدوا مختلفين لكنهما يعودان إلى أصل واحد‪،‬‬
‫يعودان إلى سلام مذاب‪ ،‬الربابة قرينة صوت طربي شعبي‪ ،‬كان مغني‬
‫الربابة جوال في الطرقات‪ ،‬والليلة قرينة السكون‪ ،‬الليل وضوح للنجوم‬
‫والأقمار‪ ،‬تجلي السماء‪ ،‬حامل ألوية الهداية‪ ،‬لكن الربابة حليمة‪ ،‬حليمة‬
‫من الحلم تشير لتحكيم العقل والصبر رزينة متسامحة‪ ،‬والليلة بتول‪،‬‬
‫البتول قد قيل عنها بيت الله‪.‬‬

                              ‫أريد حب ًرا أخض َر‬     ‫كان الأدب ‪-‬ولا يزال‪ -‬فيما أعرف صناعة من‬
                 ‫وقطعة صغيرة من جل ِد ماعز‪.‬‬
                                                       ‫ذاكرة الكلمات‪ ،‬تعنى في سمتها الأول بالكشف‬
                                  ‫وكآبة مقمرة‬        ‫الثقافي عن ملامح الجماعة والذات‪ ،‬إسهام الشعر‬
                              ‫وي ًدا رملية رطبة‬
                             ‫سأكتب أني أحبك‬              ‫غالبًا نابع من طبيعته‪ ،‬ينمي ثقافة تجمع بين‬
                 ‫وأني مريض بالضوء والأبدية‬               ‫القبض والبسط‪ ،‬بين الكشف والإرجاء‪ ،‬تثير‬
    ‫بعض الشعر الحديث تطلع إلى نوع من المعرفة‬       ‫الأسئلة والنداء‪ ،‬وتبني الصور في نبر موسيقي ما‪،‬‬
‫الصعبة‪ ،‬تطلع إلى النور‪ ،‬إلى الضوء والرغبة في فهم‬      ‫تتبع المخاوف والاضطرابات والتقدم والعثرات‪،‬‬
‫العالم على نحو لا يخلو من سكينة مصطنعة‪ ،‬قدي ًما‬    ‫تلتمس حركة الفكر العامة بلغتها الخاصة‪ ،‬وكشفها‬
   ‫كان الشعر العربي عو ًدا إلى الطبيعة؛ فلقد نودي‬   ‫عن جوهر الأشياء‪ .‬في هذا المقال محاولة للاقتراب‬
‫طلل ونودي صاحب أو صاحبان‪ ،‬رغبة في البكاء لا‬             ‫من لغة الشعر المعاصر‪ ،‬قراءة في ديوان حاتم‬
                    ‫رغبة في المداد المخضر المثمر‪.‬‬   ‫الأطير الأول مسجد على القمر‪ ،‬الصادر عن روافد‬
  ‫في هذه التوطئة مهاد لشعر قادم‪ ،‬لتجربة جديرة‬
                                                                    ‫في طبعته الأولى‪ ،‬القاهرة ‪.2017‬‬
                                                                                           ‫يا أمي‬
   23   24   25   26   27   28   29   30   31   32   33