Page 32 - m
P. 32

‫أفادت أداة التعريف (ال) لل ٌمع َرف‬              ‫البساطة تجعل من كعكة محشوة‬
   ‫(بلال) هنا تحري ًرا لا أقول تنك ًرا‪،‬‬
‫نعم ُحرر بلال من فرديته إلى جماعية‬                     ‫باللوز ناولها الإله لعال ٍم جوعانة‬
    ‫متمناة‪ ،‬ترى في رياحين الإسلام‬                  ‫أخلاقه رمًزا للديني‪ ،‬وليست الكعكة‬

‫سعادتها‪ .‬رأت الدين في يسره وأثره‬                   ‫إلا طعا ًما روح ًّيا فالجوع ليس جوع‬
‫البهيج‪ .‬رأت في الإسلام تمر الجياع‬                      ‫بطون‪ ،‬الجوع هنا جوع أخلاق‪،‬‬

                 ‫وخيمة العابرين‪.‬‬

  ‫فى صوته اشتعل المصير‬                                  ‫وكذلك الورد حين يتصدق من‬
      ‫ولعلع الدين اليسير‬                           ‫شذاه لصحة الفقراء يحقق مفهوم‬

‫وأبصر العشاق ر ًّبا واس ًعا‬
‫سميه تم ًرا للجياع‪ ،‬وخيمة‬
                ‫للعابرين‪،‬‬                          ‫الإسلام في صحيحه‪ ،‬ويصبح البيانو‬
                                                       ‫خبيًرا بصحيح الإسلام حين يأمر‬
 ‫وثورة للكاظمين شروقهم‬

           ‫سميه ح ًّبا يا جميلة‬                          ‫القلوب بالمعروف‪ ،‬والقمر حين‬
   ‫واتركيه على السطوح مؤذ ًنا‬                      ‫يترك للشمس مجاًل في النهار يحب‬
‫كي تستريح الأرض من أثقالها‪.‬‬

‫لقد تواضع النحاة أن النداء مما له‬                  ‫لها ما يحب لنفسه‪.‬‬
 ‫الصدارة قي الجملة العربية‪ ،‬لكن‬

‫الشاعر المعاصر يجد في المرأة رفي ًقا‬
‫جمي ًل يدعوها أن تسمي بلا ًل‪/‬‬

   ‫الدين حبًّا‪ ،‬وأن تختزله في أذان‬                 ‫والبلال الحر يرضع باسما‬
‫يترك على السطوح كي تستريح الأرض‪ ،‬وفي ذلك‬
                                                   ‫في عينيه السوداء نيل ناصع‬
‫تضمين لقول النبي‪« :‬أرحنا بها يا بلال»‪ ،‬بلغة‬
                                                   ‫لا يفوتك عند قراءة هذا النص البديع أن الاسم‬
‫مرسلة تتحرر من التزام القافية‪ ،‬لقد بدت أمامي‬
                                                      ‫الظاهر قد يحتمل المتكلم والمخاطب والغائب‬
‫تلك الجميلة استحضا ًرا لفكرة الأنوثة التي تلطف‬     ‫ويخصصه السياق؛ فقد صح عن العرب قولهم‬
    ‫من خشونة الاختلافات‪ ،‬هذه لعبة التخلي عن‬
‫«يا تميم كلهم» و»يا تميم كلكم»‪ ،‬أريد فهم الأبيات الشكل لعبة تورية وغرض غير مكشوف‪ ،‬نداء‬
                                                   ‫انطلا ًقا من كلمة هناك‪ ،‬اسم الإشارة إلى البعيد‬
‫الجميلة تعريض بالمغالين من المتدينين‪ .‬أريد أن‬
‫يستحضر القريب‪ ،‬الحديث عن المدينة مهد الإسلام أعيد النص إلى صورة معيارية «ياجميلة سميه حبًّا‬
‫واتركيه على السطوح مؤذ ًنا كي تستريح الأرض‬         ‫الأول يستحضر واق ًعا غيره الإسلام آنذاك‪،‬‬
‫من أثقالها»‪ ،‬هذه الصورة تخفي الأنوثة وتعطي‬         ‫ويستحضر زمنيتنا المعاصرة‪ ،‬ما أبعد الواقع الآن‬

‫المركزية للأفعال‪ :‬سميه واتركيه‪ ،‬لكن شعرية النص‬     ‫عن أثر ضوء الإسلام الأول في حياة البشر‪ ،‬عن‬

‫أثر الإسلام في أصحاب الفطرة النقية‪ ،‬قام الإسلام تجعل من الأنوثة مركز الثقل بين الأفعال‪ ،‬والأنوثة‬
                                                   ‫بالعدل الإنساني والمساوة بين البشر‪ ،‬انتصار‬
‫هنا توسم بالجمال‪ ،‬قال الشاعر ياجميلة ولم يقل‬

‫الصراط معناه تحقيق العدل وإقامته‪ ،‬والليل يسطع ياحبيبة‪ ،‬وصف الجمال تحرر من الامتلاك‪ ،‬وصف‬

‫الجمال قرين البحث عن الراحة والسكينة الغائبة‬       ‫يا حمامة إشارة يفهم منها بالفحوى تمكين النور‬

‫عن أبدية أراد الشاعر أن يكتب عنها قاص ًدا إليها‬    ‫وتحقيقه‪ ،‬والنداء على الحمامة عود إلى رمزية‬

                                         ‫كل سبيل‪.‬‬  ‫المسالمة‪ ،‬وادخال المتلقي في التجربة‪ ،‬فالبلال الحر‬

‫رمز إنساني لكل حر أعزه الإسلام فبدا باس ًما‪ ،‬لقد تبدو أمامي لغويات حاتم الأطير هنا ذات نبرة‬
   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37