Page 58 - m
P. 58

‫العـدد ‪57‬‬   ‫‪56‬‬

                                                  ‫سبتمبر ‪٢٠٢3‬‬

  ‫في نزو ٍع يتلهى بالنغ ْم‬                             ‫النقاد بـ(مجمع البحور) القصيدة طويلة وبها‬
     ‫صار ًخا مما دهاه‪..‬‬                             ‫أبيات عمودية‪ ..‬سأختار مقط ًعا منها كل سطورها‬
         ‫من فنا ٍء َو َعد ْم‬
                                                       ‫‪-‬بالترتيب‪ -‬جاءت على البحور الآتية‪ :‬البسيط‪،‬‬
‫إنه يبكي مما َت الشاعري ْة‬                            ‫الطويل‪ ،‬البسيط‪ ،‬الطويل‪ ،‬الرمل‪ ،‬الرمل‪ ،‬الرمل‪،‬‬
‫وخرير النهر في الوادي وأنغام النواح‬               ‫الرمل‪ ،‬الرمل‪ ،‬الرمل‪ ،‬الرمل‪ ،‬الخفيف‪ ،‬الرمل‪ ،‬الرجز‪،‬‬

   ‫ومسيل الماء من َجفن البطاح‬                                         ‫الرجز‪ ،‬الرجز‪ ،‬الرجز‪ ،‬الرجز‪.‬‬
   ‫أدمع الكون وع ْبرات الطبيع ْة‬                                  ‫جلس ُت ذات مسا ٍء مرس ًل بصري‬

       ‫كل طي ٍر نا َخ فيها‪ ..‬ناعيًا‬                                     ‫إلى هذه الآفاق وهي بواس ُم‬
     ‫كل ُغص ٍن مال فيها‪ ..‬رائيًا‬                                     ‫توق ُد النا َر في عزمي وفي فكري‬
      ‫كل َنب ٍع سال فيها‪ ..‬باكيًا‬                                    ‫عواط ُف صدري‪ ،‬أن ُهن مضار ُم‬
‫عبرت يم المنايا وأعاصير الأسى‬                                     ‫هدأ البح ُر رحيبًا يمل ُأ العي َن جلا ًل‬
                                                              ‫وصفا الأف ُق ومالت شمسه ترنو َدلا ًل‬
‫غالت الربان منها فهوت‪..‬‬
‫ثكلى على شط المنون‪ ..‬لاهف ْة‬                                                       ‫وبدا فيه شرا ُع‬
‫ترسل الأنات من قل ٍب حزي ٍن‪ ..‬هاتف ْة‪:‬‬                                     ‫كخيا ٍل من بعيد يتم َّشى‬
‫كللوا النع َش بريحان الغياض‪ ..‬والنجو ْد‬                              ‫في بسا ٍط مائ ٍج من نس ِج ُعش ِب‬
‫وادفنوه بين أزهار الرياض‪ ..‬والورو ْد‬                               ‫أو َحما ٌم لم يج ْد في الروض ُعشا‬
     ‫ليضو َع الطيب من أردانه فيها حياة ومما ًتا‬
‫وانشدوا والطي َر في حفل الرثاء‪ ،‬كل صبح ومسا ٍء‬                                ‫فهو في خو ٍف ورع ِب‬
                                                                           ‫إنه غيم ٌة َس َر ْت في سما ٍء‬
   ‫لم يمت (شوقي) وفي الشرق شعا ٌع من سناه‬
‫سائلوا الأيام والأحلام والدنيا وما ضمت أفانين‬                                    ‫قد ص َف ْت ُز ْرق ُتها‬
                                                                              ‫لكنما هذا جنا ُح طائ ٍر‬
                 ‫الحياة‬                                                   ‫مرفر ٍف في ملعب الضيا ِء‬
                                                                            ‫يجر زور ًقا على الدأما ِء‬
‫أين من قيثارة الكون نشيد كان يحبوها الهناء؟!‬                       ‫والشم ُس في الأفق بد ْت صفحتها‬
                                                                          ‫أكب َر ياقوت ِة كن ٍز فاخ ٍر(‪)16‬‬
‫واسمعوا فيها صداه!(‪)17‬‬                             ‫سأق ُف ‪-‬أي ًضا‪ -‬عند قصيدة للشاعر محمود حسن‬
                                                   ‫إسماعيل‪ ،‬اسمها (مأتم الطبيعة) نشرها في فبراير‬
‫ومما لفت نظري في هذه المجلة ترجمة الشعرالغربي‬      ‫سنة ‪ ،1933‬وكتب تحتها (مرثية من الشعر الحر)‬
                                                    ‫بدأ أبياتها الأولى على طريقة الموشحات‪ ،‬ثم مضى‬
‫ترجمة عالية المستوى‪ ،‬بل إبداع فوق إبداع‪ .‬بل تم‬      ‫على طريقة الشعر التفعيلي‪ .‬والقصيدة ‪-‬في رأيي‪-‬‬
                                                     ‫تعد وثيقة مهمة في مسيرة الشعر العربي‪ ،‬ويعد‬
‫ترجمته على بحور الشعر العربي في منتهى الدقة‬          ‫شاعرها محمود حسن إسماعيل أحد رواد شعر‬
                                                     ‫التفعيلة‪ ،‬وإن كانت الشاعرة نازك الملائكة أغفلت‬
‫والمتانة‪ .‬واستوقفني كبار الشعراء المترجمين أمثال‬   ‫في كتابها (قضايا الشعر العربي المعاصر) الصادر‬
                                                    ‫‪ 1962‬هذه القصيدة‪ ،‬كما أغفلت كثي ًرا من قصائد‬
‫الشاعر المترجم الكبير إسماعيل سري الدهشان‬               ‫التفعيلة التي سبقت قصيدتها (الكوليرا) سنة‬

     ‫الذي أدهشني كثي ًرا وهو يترجم عن الفرنسية‬                                             ‫‪.1947‬‬
‫(ليالي ألفريد دي موسيه) معربة نظ ًما‪ ،‬وقد ترجمها‬  ‫القصيدة ‪-‬ح ًّقا‪ -‬من روائع شعر التفعيلة‪ .‬سأتجاوز‬

       ‫على عدة بحور الخليل بن أحمد الفراهيدي‪..‬‬       ‫مقدمتها إلى المقطع الثاني من سطورها التفعيلية‪.‬‬
                                                        ‫القصيدة جاءت على تفعيلة (الرمل) فاعلاتن‪:‬‬
‫القصيدة طويلة ج ًّدا حوارية في ست عشرة صفحة‪.‬‬
‫أختر ُت مقطعين (آلهة الشعر) الذي جاء على بحر‬
‫الرمل‪ .‬ومقطع (الشاعر) الذي جاء على بحر الطويل‪:‬‬

‫(آلهة الشعر)‪:‬‬

‫ُخذ قيثار َت ْك‬  ‫أويأهِناْلناليشُقابلع َةُر‬
   ‫المستمتِ ِع‬
‫زهر ُة النسرين فج ًرا أصبح ْت‬
     ‫تفت ُح الأكما َم عند المطل ِع‬
   53   54   55   56   57   58   59   60   61   62   63