Page 60 - m
P. 60
العـدد 57 58
سبتمبر ٢٠٢3
عبد الوهاب يحيى
(المغرب)
رهاب متعدد أم عقاب متعدد؟
دراسة سيميائية في سيرة
«رهاب متعدد»
لعبد اللطيف محفوظ
العلاقة الموجودة هي بين ابن وأبوين .طاعة الابن للأبوين تسمى ب ًّرا
وعصيانهما يسمى عقو ًقا .لا يتعلق الأمر ،في العمق ،بالطاعة والعصيان،
خصو ًصا في عقاب الأم ،وإنما يتعلق بسوء تأويل العقاب وحسن
تأويله .إن سوء تأويل العقاب تم فهمه من طرف الأم بوصفه عصيا ًنا.
لذلك كررت فعل القرص كأنها تقول له :أنا أقصد كذا ولا أقصد كذا .ومن
ثم ،فإن فهم الإشارات ذات المعنى الواحد والوحيد يشكل ،وف ًقا لما سبق،
طاعة للمعنى وخضو ًعا له وب ًّرا به ،بينما يشكل تأويلها كمؤشرات ،لا
كإشارات قصدية تنقل حالة الوعي الخاصة بالمرسل ،عصيا ًنا للمعنى
وعقو ًقا له.
راسخة مؤداها أنه ،على الرغم من كونه شاه ًدا على -1تقديم
استعمال ثقافي مخصوص ،وقاد ًرا على استخراج
سلسلة من العلاقات الممكنة ،لا يشكل متنًا تا ًّما.. يستدعي نص «رهاب متعدد»( )1لمؤلفه عبد
يشتغل القاموس وفق تاكتيك المرادفات القريبة
اللطيف محفوظ ،انطلا ًقا من عنوانه ،منهج مقاربته.
والأضداد .والغاية من ذلك تحديد مدى الكثافة إنه نص يحتفي بالأهواء ويستدعيها من ماضي
الطفولة مثلما يستدعي أبطال التاريخ أمجادهم.
الشعورية للهوى دنيا كانت أم قصوى .ولا يتم فإذا كانت أمجاد التاريخ مرتبطة بأحداث وقعت
في زمان ومكان معينين ،فإن الأهواء أمجاد
الوصول إلى ذلك المدى إلا من خلال تحديد حالة للكينونة الإنسانية التي يشكل الجسد شكلها
المادي وفضاءها الملتبس .إن دراسة الهوى ،وفق
اعتدال ،بصفتها المعيار الذي ،من خلاله ،يتم تحديد سيميائيات الأهواء ،تنطلق من القاموس بوصفه
وعيًا لفظيًّا بهذا الهوى أو ذاك ،ولكن وفق قناعة
درجة المغالاة في الشعور .هنالك مساران شعوريان
متقابلان .الخوف والتوجس والذعر والفزع والروع
والرهاب والجبن من جهة ،والأمن والطمأنينة