Page 235 - m
P. 235

‫الملف الثقـافي ‪2 3 3‬‬

‫توماس إدوار لورانس‬  ‫ارنولد توينبي‬  ‫آرثر جيمس بلفور‬              ‫الباحث عبد الله محمد نعيم‬
                                                              ‫ما ألفه المستشرقون من عام‬
     ‫أمر لا مشاحة فيه»(‪.)12‬‬       ‫الشرق الذي يعني هنا أي‬
       ‫ويرى توينبي أن هذا‬      ‫بلد واقع بين مصر والصين‪،‬‬          ‫‪ 1811‬حتى ‪ 1950‬بالشرق‬
                                                                  ‫العربي وحده نحو ستين‬
  ‫التصوير للشرق تافه لأنه‬           ‫كان وقتًا ما متقد ًما عن‬
 ‫توجد في الغرب مث ًل وديان‬         ‫الغرب كثي ًرا ويبدو الآن‬                 ‫ألف كتاب»(‪.)9‬‬
‫وجبال الألب لم يمسها الغزو‬      ‫متخل ًفا عنه بمراحل‪ ،‬وبينما‬           ‫هذه الحصيلة الهائلة‬
                                    ‫كنا نتحرك كأن الشرق‬           ‫من الخبرات والدراسات‬
    ‫السياحي ولا يزال أهلها‬     ‫راكد‪ ،‬وعلينا أن نتذكر بصفة‬
    ‫يعيشون كما كان يعيش‬           ‫خاصة أقاصيص التوراة‬                  ‫والمعلومات والآثار‬
  ‫أسلافهم أيام إبراهيم‪ ،‬فإن‬         ‫التي ما برحت بالنسبة‬         ‫والمخطوطات والكتب وكل‬
 ‫اتبعنا القياس السالف الذكر‬     ‫للإنسان الغربي العادي هي‬       ‫الكنوز التي تمت سرقتها أو‬
   ‫لاستخلصنا نتيجة لا تقل‬        ‫وحدها الفصل المألوف عن‬        ‫تعرفها في الشرق‪ ،‬هي التي‬
‫غرابة في منطقها هي (الغرب‬      ‫تاريخ الشرق القديم‪ .‬وعندما‬         ‫مهدت السبيل لكل الذين‬
 ‫غير المتغير)(‪ .)13‬ومع أن هذا‬     ‫يرى المسافرون الغربيون‬       ‫كتبوا عن الشرق والإسلام‪،‬‬
‫النقد هو الأوضح في دراسة‬       ‫المحدثون بمزيج من الدهشة‬       ‫وتوينبي واحد منهم‪ ،‬وإذا ما‬
    ‫توينبي ورؤيته للشرق‪،‬‬        ‫والابتهاج أن الحياة القائمة‬      ‫اتفقنا مع إدوارد سعيد في‬
  ‫وهو نقد ليس للاستشراق‬             ‫حاليًا في منطقة الأردن‬    ‫تعريفه للمستشرق بأنه «كل‬
   ‫بل للصورة التوراتية عن‬         ‫المتاخمة للصحراء العربية‬    ‫من يقوم بتدريس الشرق‪ ،‬أو‬
     ‫الشرق القديم‪ ،‬لكن هل‬           ‫تتواءم في كل مواضعها‬        ‫الكتابة عنه أو بحثه في كل‬
 ‫يستحق توينبي عليه الثناء؟‬       ‫مع وصف حياة أنبياء بني‬          ‫التخصصات والأساليب»‪.‬‬
 ‫يرى بول ڤيين أن الثناء على‬      ‫إسرائيل في ِسفر التكوين‪،‬‬      ‫وبهذا المعنى قال المستشرق‬
    ‫المؤرخ بسبب إشارته إلى‬       ‫يبدو لهم أن جمود الشرق‬        ‫السويسري جاك واردنبرغ‬
  ‫حقيقة تاريخية بديهية مثل‬
                                                                   ‫في تعريفه للمستشرقين‬
                                                              ‫بأنهم «أولئك الذين يدرسون‬

                                                                              ‫الشرق»(‪.)10‬‬
                                                                 ‫وع َرفت الموسوعة العربية‬

                                                                   ‫العالمية الاستشراق بأنه‬
                                                                  ‫«دراسات أكاديمية يقوم‬
                                                                ‫بها باحثون أجانب من أهل‬
                                                                 ‫الكتاب بوجه خاص حول‬

                                                                    ‫الإسلام والمسلمين من‬
                                                                  ‫جميع الجوانب التاريخية‬
                                                               ‫والعقدية والفقهية والثقافية‬
                                                              ‫والحضارية‪ ،‬وحول حضارة‬
                                                                   ‫الشرق بصفة عامة»(‪.)11‬‬
                                                               ‫ولعل من الإنصاف الإشارة‬
                                                              ‫إلى أن توينبي في الجزء الأول‬
                                                                ‫من كتابه (دراسة التاريخ)‬
                                                                ‫قد انتقد ما أسماه بـ(وهم‬
                                                                 ‫الشرق الراكد) وقال‪« :‬إن‬
   230   231   232   233   234   235   236   237   238   239   240