Page 230 - m
P. 230

‫العـدد ‪58‬‬          ‫‪228‬‬

                                                          ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬       ‫حدث وعلى حساب من؟‬
                                                                        ‫وهل فع ًل الباشا كان مؤمنًا‬
  ‫المسلمين لإعادة النظر في‬    ‫نفسه من حيث الجغرافيا‬                    ‫بالعلم أم بصناعة مجد سريع‬
 ‫مفهوم الخلافة الإسلامية‬         ‫واللغة‪ ،‬مستفي ًدا بعلوم‬                  ‫لنفسه؟ وهل كان معار ًضا‬
                                                                        ‫لهيمنة وظلم رجال الدين أم‬
   ‫وعلاقة الدين الإسلامي‬     ‫حديثة وصل إليها الإنسان‬                    ‫كان يوظفهم ضد خصومه؟‬
 ‫به‪ ،‬فالذي فعل ذلك وألهم‬    ‫كالفيلولوجي والأتيمولوجي‬
                                                                          ‫من خلال ما تقدم تبين أن‬
   ‫المخيلة البشرية بالفارق‬    ‫والأنثربولوجي‪ ..‬وغيرها‪،‬‬                    ‫الاستشراق لم يكن مشغو ًل‬
 ‫بين الخلافة والإسلام هم‬         ‫ومن أمثال هؤلاء «دان‬
                                                                              ‫بالدين والميتافيزيقا أو‬
   ‫مستشرقو ألمانيا‪ ،‬وعلى‬      ‫جيبسون» و»مايكل كوك»‬                       ‫دحض الإيمان مثلما يتخيل‬
   ‫خطاهم وصل كثير من‬          ‫و»ولوكسمبرج» مع إحياء‬
                                                                           ‫أصول ُّيو المسلمين‪ ،‬بل هو‬
     ‫علماء المسلمين للقول‬        ‫أطروحات الدانماركية‬                     ‫حركة معرفية واسعة كانت‬
   ‫بأن الخلافة هي مرحلة‬          ‫«باتريشيا كرون» مرة‬                   ‫تبحث عن الرؤية والاستيعاب‬
                             ‫أخرى‪ ،‬وإعادة تداول رأيها‬                     ‫ضمن حركة علمية أشمل‪،‬‬
     ‫تاريخية انتهت وحكم‬     ‫في جذور الإسلام الجغرافي‬                     ‫تربط هذه المعارف الشرقية‬
  ‫بشري وتجربة سياسية‬           ‫والتاريخي‪ ،‬وهذه الحالة‬                    ‫بالتطور الصناعي والعلمي‬
  ‫لا يجوز تعميمها بالمطلق‬     ‫التي ميزت هؤلاء مختلفة‬                   ‫السائد آنذاك‪ ،‬فنرى –إذن‪ -‬أن‬
  ‫لتصبح ملزمة لكل زمان‬      ‫بشكل كبير عن الاستشراق‬                        ‫نقاد الاستشراق في الثقافة‬
 ‫ومكان‪ ،‬وهي الفكرة التي‬                                                   ‫العربية والإسلامية أخذوا‬
   ‫أدت لموجات نقد دفعت‬             ‫في القرن ‪ 19‬وأوائل‬
                              ‫القرن العشرين من أمثال‬                         ‫جانبًا ضي ًقا من ظاهرة‬
    ‫لاح ًقا بعض المتطرفين‬     ‫تيودور نولدكة ويوليوس‬                       ‫الاستشراق وعمموها على‬
 ‫لإنشاء جماعات عسكرية‬         ‫فلولهاوزن وجولدتسيهر‬                      ‫كل الحركة وأي نشاط لمفكر‬
‫تعيد أحلام الخلافة الدينية‬                                                ‫غربي أو فيلسوف قرر أن‬
‫مرة أخرى فيما نعرفه الآن‬            ‫وجوزيف شاخت‪..‬‬                        ‫يعرف من هو الشرق بعي ًدا‬
 ‫بحركات الإرهاب «داعش‬           ‫وغيرهم‪ ،‬عل ًما بأن هذه‬                     ‫عن صحافته المحلية التي‬
                               ‫الحركة من موضوعيتها‬                     ‫تصور دول العرب والمسلمين‬
     ‫والقاعدة والإخوان»‪،‬‬      ‫أثرت على مفكري وشيوخ‬                     ‫بطريقة سلبية‪ ،‬خصو ًصا بعد‬
 ‫ولولا أن الصدمة الفكرية‬      ‫المسلمين‪ ،‬ودفعت البعض‬                      ‫شيطنة الإسلام في صحافة‬
 ‫على هؤلاء كانت كبيرة ما‬    ‫منهم لمراجعة موقفه الديني‬                  ‫الغرب بعد موقعة ‪ 11‬سبتمبر‬
                               ‫بصورة غير مسبوقة في‬                         ‫‪ 2001‬حيث وجدنا تيا ًرا‬
   ‫اندفعوا لممارسة العنف‬       ‫التاريخ الإسلامي‪ ،‬مثلما‬                  ‫استشراقيًّا أكثر تطر ًفا وأقل‬
      ‫كرد فعل تلقائي على‬     ‫أثر جولدتسيهر وجوزيف‬                       ‫موضوعية ودقة مما مضى‪،‬‬
                                 ‫شاخت في ُكتَّاب مجلة‬                   ‫يهدف لتناول الإسلام بشكل‬
  ‫انهيار أحد أعظم وأشهر‬       ‫المنار للشيخ رشيد رضا‪،‬‬                       ‫سياسي أكثر منه معرفي‪.‬‬
 ‫عقائد المسلمين في القرون‬    ‫والذي أدى لجرأة كثير من‬                       ‫وقد ميزت الحالة الراهنة‬
                            ‫شيوخ المسلمين للطعن ونقد‬
   ‫الوسطى وهي (الخلافة‬        ‫الحديث والتاريخ بصورة‬                         ‫التي تصاعدت فيها قوة‬
       ‫وسلطة المحتسب)‪،‬‬                                                       ‫داعش والقاعدة صعود‬
                                         ‫غير مسبوقة‪.‬‬                         ‫تيار استشراقي حديث‬
     ‫ليس بأيدي الغربيين‬             ‫كذلك أثرت كتابات‬                        ‫يطعن في جذور الإسلام‬
    ‫فقط ولكن بأيدي كبار‬         ‫جولدتسيهر في كتابات‬
  ‫وشيوخ المسلمين آخرهم‬       ‫محمد أركون ونصر حامد‬
   ‫شيخ الأزهر الذي أفتى‬       ‫أبو زيد وغيرهم‪ ،‬ودفعت‬
   ‫عام ‪ 2016‬بأن الخلافة‬       ‫الكثير من علماء ومفكري‬
    ‫ليست من أركان الدين‬
 ‫وأنها مجرد «تجربة حكم‬

        ‫سياسية» ليس إلا‬
   225   226   227   228   229   230   231   232   233   234   235