Page 227 - m
P. 227

‫‪225‬‬      ‫الملف الثقـافي‬

‫لين بول‬  ‫جيمس هنري برستيد‬     ‫جوستاف لوبون‬                     ‫كل صفات التوحش السابقة‪،‬‬
                                                               ‫وهي مرحلة تشبه ما نعيشه‬
 ‫تحر ًرا دون قيود ومخاوف‪،‬‬         ‫لابوم‪ ،‬وأندريه ميكيل»‪..‬‬
 ‫والثاني‪ :‬الدقة والعمق التي‬    ‫وغيرهم‪ ،‬إضافة لمونتجمري‬            ‫حاليًا من رفض للعبودية‬
 ‫من خلالها مارسوا الفلسفة‬     ‫وات وول ديورانت وجوزيف‬            ‫ومخرجاتها ونظائرها التي‬
 ‫والشك بعصر الأنوار‪ ،‬وهذا‬
  ‫الذي يغلب على الاستشراق‬             ‫فان داس‪ ..‬وغيرهم‪.‬‬             ‫كانت سائدة في القرون‬
                                   ‫فالذي ميَّز المستشرقين‬        ‫الوسطى‪ ،‬ويراها أهل تلك‬
      ‫(الحرية والعمق) وتلك‬        ‫أنهم انطلقون من معرفة‬         ‫العصور أم ًرا أخلاقيًّا‪ ،‬أو في‬
     ‫الأحوال كانت غائبة عن‬     ‫الإسلام والثقافة العربية من‬      ‫حدها الأدنى لا تتصادم مع‬
 ‫مجتمع المسلمين في القرنين‬       ‫خارج الصندوق‪ ،‬وبالتالي‬       ‫روح الدين والأخلاق والمنطق‪.‬‬
    ‫‪ 19‬و‪ ،20‬وبالتالي نظروا‬       ‫لم يمرضوا بأمراض هذه‬            ‫إن ظاهرة الاستشراق هي‬
  ‫لسلوك هؤلاء المستشرقين‬       ‫الشعوب من التقليد والتبعية‬        ‫ظاهرة علمية كانت مرافقة‬
‫نظرة توجس وريبة لم يراعوا‬        ‫والجمود‪ ،‬فكانت كتاباتهم‬
 ‫فيها ظروف ونشأة وتكوين‬         ‫أكثر حيوية وبري ًقا وعم ًقا‪،‬‬       ‫للحداثة والتطور العلمي‬
    ‫تلك الظاهرة العلمية التي‬   ‫وهذا الجانب هو أحد أعمدة‬            ‫والصناعي في القرن ‪،19‬‬
  ‫يمكن وصفها بأنها ظاهرة‬           ‫الاستشراق بشكل عام‪،‬‬             ‫وظهرت أو ًل في المجتمع‬
  ‫إنسانية تخطى فيها البشر‬     ‫فالحركة الاستشراقية العالمية‬     ‫الألماني بحكم تحمسه لمعرفة‬
    ‫حواجز الدين والجغرافيا‬         ‫قامت على أمرين اثنين‪،‬‬        ‫كل شعوب الشرق‪ ،‬فذهبوا‬
  ‫والسياسة‪ ،‬لتصبح المعرفة‬       ‫الأول‪ :‬الحرية التي عاشوا‬           ‫للشرق الأوسط والأدنى‬
  ‫والحقيقة هي الهدف الأول‪.‬‬     ‫من خلالها في رحاب الدولة‬           ‫والأقصى‪ ،‬ومثلما تحامل‬
   ‫كذلك فالاستشراق لم يكن‬       ‫العلمانية الديمقراطية وهذا‬       ‫البعض منهم على الإسلام‬
   ‫محصو ًرا فقط في النقد أو‬      ‫أ َّهلهم للحديث بشكل أكثر‬       ‫‪-‬مثلما يرى الأصوليون‪-‬‬
                                                               ‫أنصف الكثير منهم الإسلام‪،‬‬
                                                                ‫فخلاف من ذكرهم الندوي‬
                                                                   ‫في كتابه «النبي الخاتم»‬
                                                                ‫يوجد من أنصف الحضارة‬
                                                                    ‫الإسلامية كالدانماركية‬
                                                                 ‫«زيجريد هونكة» في كتبها‬
                                                                    ‫«شمس الله تشرق على‬
                                                               ‫الغرب» و»جمال على منعطف‬
                                                                    ‫القيصر» و»الله مختلف‬
                                                                   ‫تما ًما»‪ ،‬فمن الواضح أن‬
                                                                 ‫توجهات هذه الكاتبة كانت‬
                                                              ‫شغوفة للتواصل مع الشرق‪،‬‬
                                                                   ‫وهذا هو الباعث الأصلي‬
                                                              ‫للاستشراق‪ ،‬أنه كان (شغو ًفا‬
                                                                 ‫لمعرفة الثقافات الشرقية)‪،‬‬
                                                                   ‫وعلى غرار هونكة أي ًضا‬
                                                                 ‫ظهر من أنصفوا الحضارة‬
                                                                   ‫الإسلامية‪ ،‬كالفرنسيين‬
                                                                 ‫«جوستاف لوبون‪ ،‬وجون‬
   222   223   224   225   226   227   228   229   230   231   232