Page 229 - m
P. 229

‫‪227‬‬        ‫الملف الثقـافي‬

‫وليم موير‬  ‫مايكل كوك‬         ‫ماكس مولر‬                     ‫المسلم‪ ..‬ومجرد عرض تلك‬
                                                           ‫المعلومات يعطي لنا صورة‬
‫معبد الكرنك ليستعملها في‬       ‫دافين» التوفى عام ‪،1879‬‬      ‫عن معتقدات المصريين في‬
 ‫بناء المعمل‪ ،‬ولأن إدريس‬        ‫والذي هاجر إلى مصر في‬      ‫هذا العصر‪ ،‬وهي بالتأكيد‬
 ‫أفندي كان مسئو ًل وقتها‬      ‫عهد محمد علي باشا وعمل‬        ‫صورة مه َّمة نستطيع من‬
 ‫ويعلم قيمة المعبد الثقافية‬
  ‫رفض وص َّعد الموضوع‪،‬‬           ‫موظ ًفا في دولته‪ ،‬فأحب‬      ‫خلالها أن نكتشف طرق‬
 ‫وبإصراره تم وقف هدم‬         ‫مصر وشعبها وتمصر قو ًل‬       ‫تطور العقل المصري وتأثير‬

   ‫المعبد‪ ..‬ومن خلال تلك‬         ‫وفع ًل‪ ،‬وقرر أن يسمي‬        ‫هذه الصورة على الثقافة‬
   ‫الرواية تبين أن إدريس‬     ‫نفسه «إدريس أفندي»‪ ،‬وبدأ‬              ‫المصرية الحديثة‪.‬‬
‫أفندي كان معار ًضا لمحمد‬     ‫في دراسة الحضارة المصرية‬
‫علي ونظام حكمه‪ ،‬وكشف‬         ‫القديمة وكتب فيها مجموعة‬          ‫وقد قرأت مقا ًل قدي ًما‬
‫كثي ًرا من المظالم والحقائق‬                                  ‫لبرنارد لويس يقول فيه‬
‫السياسية والاجتماعية في‬          ‫رسائل‪ ،‬إضافة لمذكراته‬
  ‫عهده‪ ،‬ولمن يريد معرفة‬            ‫المشهورة بـ»مذكرات‬          ‫إن مزارع العبيد كانت‬
                                                           ‫منتشرة في السودان‪ ،‬حيث‬
     ‫الوجه الآخر ‪-‬الظالم‬       ‫إدريس أفندي»‪ ،‬وبجهوده‬
  ‫والمتخلف‪ -‬لحكم محمد‬         ‫على الأرض حفظ كثي ًرا من‬        ‫يقوم تجار العبيد ببناء‬
‫علي يقرأ تلك المذكرات‪ ،‬لأن‬                                 ‫مزرعة كمزارع الحيوانات‪،‬‬
  ‫المشهور أن عصر محمد‬             ‫آثار مصر في الصعيد‪.‬‬      ‫وبمساعدة أعيان السودان‬
‫علي كان عصر علم وتنوير‬         ‫أذكر من الحوادث النادرة‬    ‫ينجحون في أسر واسترقاق‬
  ‫ونهضة‪ ،‬وهو في الغالب‬          ‫التي حكاها ‪-‬لو صحت‪-‬‬
 ‫كان كذلك‪ ،‬لكن بمذكرات‬        ‫تكشف حجم تخلف وجهل‬             ‫آلاف السود ‪-‬خصو ًصا‬
‫إدريس أفندي يتضح كيف‬             ‫موظفي الدولة‪ ،‬فقد كان‬     ‫من دارفور‪ -‬ليضعوهم في‬
                                                            ‫المزرعة ويجري تسمينهم‬
                                  ‫الباشا محمد علي يبني‬
                               ‫معم ًل للبارود في الأقصر‪،‬‬      ‫وبيعهم كعبيد في مصر‬
                               ‫وقرر الناظر قطع حجارة‬           ‫والشام والعراق‪ ..‬وفي‬
                                                            ‫تقديري أن شهادة لويس‬
                                                               ‫كانت في وقت انحسار‬
                                                           ‫العبودية البيضاء في مصر‬
                                                              ‫والشام لغزوات الروس‬
                                                            ‫التي حرمتهم من مصادر‬
                                                          ‫هذا النوع من الرقيق‪ ،‬فكان‬
                                                            ‫يجب تعويض الفارق من‬
                                                          ‫السود بكثرة وبنفس المعدل‬
                                                              ‫لضمان ثبات الأسعار‪..‬‬
                                                              ‫وبالعموم فالكتاب غن ٌّي‬
                                                          ‫ج ًّدا‪ ..‬لكني ركزت على ملمح‬
                                                          ‫واحد وهو (العبودية)‪ ،‬لكنه‬
                                                           ‫يطرح مظاهر أخرى كثيرة‬
                                                           ‫لطرق عيش المصريين هذه‬

                                                                             ‫الفترة‪.‬‬
                                                          ‫أذكر مثا ًل آخر‪ ،‬هو ما فعله‬
                                                          ‫المستشرق الفرنسي «بريس‬
   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233   234