Page 225 - m
P. 225

‫‪223‬‬         ‫الملف الثقـافي‬

‫بريس دافين‬  ‫باتريشيا كرون‬      ‫أندريه ميكيل‬                       ‫ِعر ًقا عن طريق قولهم‬
                                                              ‫بوجوب الخلافة الإسلامية‬
    ‫يمس فقط أصول وثوابت‬         ‫محمد الغزالي ومحمد عمارة‬
   ‫المذهب الضيقة ولكنه م َّس‬    ‫ومالك بن نبي وعبد الوهاب‬        ‫كفرض كفاية‪ ،‬وهي التي‬
                                                                ‫تشترط أن يكون الخليفة‬
     ‫وتحدث في صميم الدين‬              ‫المسيري‪ ،‬حيث خلطوا‬     ‫عربيًّا من قبيلة قريش‪ ،‬وهي‬
     ‫نفسه وثوابته الكلية‪ ،‬في‬      ‫بين ظاهرتي «الاستشراق‬        ‫نفس الفكرة التي آمن بها‬
‫ظاهرة علمية يمكن القول إنها‬    ‫والاستعمار»‪ ،‬كون ظهورهما‬          ‫التيار الصهيوني العالمي‬
 ‫كانت استدعاء لمرحلة العصر‬      ‫على مسرح التاريخ حدث في‬      ‫بأن دولة أرض الميعاد يجب‬
     ‫العباسي الذي نشط فيه‬       ‫وقت واحد وبشكل متزامن‪،‬‬           ‫أن يحكمها أمير من بني‬
 ‫المترجمون والفلاسفة‪ ،‬وزاد‬     ‫فالطبيعي أن يكون هناك ربط‬     ‫إسرائيل‪ ،‬إنها السياسة التي‬
  ‫الوعي الفكري الديني للنظر‬    ‫بين الظاهرتين بشكل منطقي‪.‬‬       ‫إذا دخلت معتق ًدا ما أعطته‬
    ‫إلى المعتقدات برؤية عقلية‬    ‫وبرأيي أن التعبير الأوضح‬    ‫طاب ًعا عسكر ًّيا خطي ًرا ينشر‬
‫فلسفية لا نصية روائية‪ ،‬وهي‬      ‫في رفض هؤلاء للاستشراق‬          ‫الإرهاب والقتل‪ ،‬و ُتخرج‬
   ‫المرحلة التي شهدت ظهور‬        ‫وتحميله كل مظالم ومآسي‬      ‫الدين من سماحته ورحابته‬
‫كثير من الملحدين واللادينيين‬   ‫المسلمين مثلما يجري تحميل‬       ‫وصفاءه النفسي مع الرب‬
‫في هذا العصر‪ ،‬ف ُيصبح ظهور‬     ‫الاستعمار هذه المآسي وفشل‬
   ‫الاستشراق سببًا في تكرار‬       ‫المسؤولين‪ ،‬يتضمن دفا ًعا‬         ‫إلى صراعات وجرائم‬
‫ظاهرتي الإلحاد واللادينية في‬    ‫غير مرئي عن ثوابت مذهبية‬    ‫وطوابير طويلة ج ًّدا من القتلى‬

           ‫مجتمع المسلمين‪.‬‬          ‫ودينية من صنع البشر‬            ‫والمشردين والمهددين‪.‬‬
     ‫وأصل هذا التخ ُّوف عند‬     ‫هاجمها المستشرقون‪ ،‬فالنقد‬      ‫فات هؤلاء أن الاستشراق‬
  ‫الجماعات أنهم ينطلقون من‬                                    ‫مثلما درس الشرق الأوسط‬
   ‫فكرة «حراسة الدين» التي‬        ‫من خارج الصندوق الذي‬          ‫والعرب والمسلمين درس‬
                                ‫رافق عمليات الاستشراق لم‬    ‫أي ًضا الصين واليابان والهند‪،‬‬
                                                            ‫كالألماني «ماكس مولر» الذي‬
                                                            ‫حل رموز اللغة السنسكريتية‬
                                                               ‫القديمة‪ ،‬ولم نعرف في تلك‬
                                                             ‫الثقافات أنهم يندفعون لعداء‬
                                                               ‫المستشرقين بالشكل الذي‬
                                                              ‫نشهده في منطقتنا العربية‪،‬‬
                                                              ‫وهي ظاهرة تقول إن هناك‬
                                                            ‫عقدة نقص راسخة في الوعي‬
                                                                ‫العربي والإسلامي تقول‬
                                                               ‫بتفوق الأمم الغربية‪ ،‬وإن‬
                                                                ‫ما يحركها طابع المؤامرة‬
                                                               ‫فقط على المسلمين‪ ،‬لذا فقد‬
                                                            ‫امتزجت عبارات المستشرقين‬

                                                                  ‫دائ ًما في المخيلة العربية‬
                                                                 ‫والإسلامية مع عبارات‬
                                                              ‫الاستعمار والمؤامرة‪ ،‬وهذا‬
                                                             ‫هو المستفاد مث ًل من كتابات‬
   220   221   222   223   224   225   226   227   228   229   230