Page 88 - m
P. 88

‫العـدد ‪58‬‬   ‫‪86‬‬

                                                    ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬

‫وحيد الطويلة‬

‫سنوات النمش‪..‬‬
‫أن تحبس الأحلام في زجاجة‬

   ‫الموضوع أكبر من نظرتها البسيطة الطيبة‪ ،‬لكنها‬           ‫الأحلام بطيئة في هذا المكان‪ ،‬قل في هذا الوكر‬
     ‫اعتقدت بما أنها طبخت لرئيس مجلس الشعب‬           ‫العجيب‪ ،‬لا توجد أحلام من أصله‪ ،‬صنف لا يعرفه‬
      ‫فيجب أن تشاركه هو وأبي في قيادة الشعب‪،‬‬
                                                        ‫الذين يعيشون هنا‪ ،‬بشر إن شئنا عاشوا طوال‬
  ‫بابها كان قريبًا لكنها كانت تدخل في الوقت الخطأ‬      ‫حياتهم في كابوس واعتبروه أفضل ما في الدنيا‪،‬‬
      ‫وفيما هو أكبر من مداركها ووعيها بتوازنات‬         ‫وإن كان ولا بد فلينتقلوا إلى درجة أخرى داخل‬
     ‫الناس وطباعهم وضباعهم في المنطقة‪ ،‬تريد أن‬         ‫الكابوس نفسه‪ ،‬لا أحد يظن أن هناك دنيا أخرى‬
                                                        ‫مختلفة عن هذا الكابوس الجميل‪ ،‬لا أحد يعافر‪،‬‬
 ‫تحشر نفسها في حوارات لا تعرف أنواع ثعابينها‪،‬‬       ‫المعافرة ترف‪ ،‬يصارع الحياة بل ويغلبها‪ ،‬الحصول‬
    ‫واعتقد أخواي أنهما منذوران للزعامة كل واحد‬          ‫على علبة دخان في آخر اليوم هو ما يسعى إليه‬
                                                        ‫ليقضي بها الليل‪ ،‬هي الغزوة الحقيقية‪ ،‬أي أكل‬
 ‫على طريقته‪ ،‬لكن المهم أن الزعامة في طبق قريب في‬       ‫يكفي‪ ،‬لا أحد يشتهي ما لا يعرفه‪ ،‬الدماغ ليست‬
  ‫متناول يديهما‪ ،‬حتى جاءت أختي فوجدت منصب‬              ‫فصين هنا‪ ،‬الناس ولدوا بفص واحد‪ ،‬محايد‪ ،‬لا‬
  ‫وزير الإعلام شاغ ًرا‪ ،‬دللها أبي‪ ،‬يحب البنات مثلي‬
   ‫ويتقي شرهن‪ ،‬أصبحت خباصة لأبي من الطراز‬                            ‫يرى أ ًب ًدا وج ًها ثانيًا لأية حكاية‪.‬‬
‫الرفيع‪ ،‬نخرج لنلعب الكرة أثناء سفره‪ ،‬وحين يعود‬      ‫لكن عمتي حفصة حلمت‪ ،‬علم النفس يقول إن الحلم‬
   ‫ولا يجدنا تصير عيناه أكثر حمرة من عين ذئب‪،‬‬
  ‫وقبل أن يسألها تكون وشايتها في حجره‪ :‬خرجوا‬          ‫الأول لا بد أن يكون مبه ًجا والأسطورة تقول إن‬
                                                      ‫الحلم الأول في منطقتنا لا بد أن يكون حب ًرا‪ ،‬وهو‬
    ‫للملعب من قبل العصر‪ ،‬تجعل التوقيت قبله كي‬          ‫ما حدث على الأرجح‪ ،‬دخلت علينا مبتهجة‪ ،‬قالت‬
  ‫يكون العقاب كبي ًرا‪ ،‬نأخذ نحن العلقة المتينة وهي‬   ‫لأمي إنها حلمت أنها ستنجب بنتًا بعينين ملونتين‪،‬‬
  ‫فخورة بما فعلت‪ ،‬لا يجرؤ أحد أن يعاتبها‪ ،‬بالطبع‬    ‫وأكملت وهي تضحك‪ :‬ترينا الويل والنجمة أم ذيل‪.‬‬
‫لن يستطيع أحدنا أن يفكر مجرد التفكير في ضربها‪،‬‬
‫أنقذتنا من اللعب مع الصيِّع كما حفظت من قاموس‬                                             ‫وقد كان‪.‬‬
 ‫أبي‪ ،‬عابسة عبوسة‪ ،‬لم نضبطها مرة تضحك كأنها‬           ‫كنا ثلاثة أولاد لأب ولد ليكون زعي ًما‪ ،‬وأم بيقين‬
                                                       ‫أنها من طينة مختلفة جاءت من البندر وتستحق‬
                               ‫تنفذ مهمة قومية‪.‬‬       ‫أن تكون زعيمة على الأقل على هؤلاء الغجر وأنها‬
    ‫في مرة يتيمة وعدناها بالحلوى‪ ،‬اشترطت علينا‬         ‫خدمتهم وعلمتهم الطبخ وكيفية تحمير الشعرية‬
                                                      ‫وسقيها بالشوربة بدل الماء لأول مرة في المنطقة‪،‬‬
      ‫أن يكون المقابل حلاوة كوكاكولا‪ ،‬تتعامل مع‬     ‫وعلمتهم كيف يلبسون‪ ،‬لبسوا من يدها ما لم يخطر‬
  ‫الكوكاكولا على أنها حلوى‪ ،‬وتمنينا عليها بالرجاء‬     ‫ببالهم‪ ،‬وقفت خلف أبي لكن عندما جاءته الزعامة‬
  ‫أن تخبر أبي أنها لم تجدنا وأننا في الكتاب نراجع‬      ‫جاءت واسعة وكبيرة على حالها‪ ،‬على ما تمتلكه‪،‬‬
  ‫القرآن‪ ،‬كان قد أرسلها لنا خصي ًصا‪ ،‬استحضرت‬
   ‫عرق الزعامة ونزلت الملعب أثناء سير المباراة‪ ،‬لم‬
   83   84   85   86   87   88   89   90   91   92   93