Page 63 - Dilmun 23
P. 63

‫ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻭﺟﺪﻱ ﺭﻣﻀﺎﻥ‬

                   ‫ﻓﻦ ﺍﻟﺘﺤﻨﻴﻂ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ‬

‫ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻮﻥ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ ‪ 2‬ﺑﻌﺚ ﻭﺎﻴﺣﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺎﻫﻲ ﺇﻻﺩﻭﺭﺍﺕ‬
‫ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻣﻦﻭﻻﺩﺓ ﻭﻮﻔﻃﻟﺔ ﻭﺎﺒﺷﺏ ﻭﻫﺮﻡﻭﻭﺎﻓﺓ‪ ،‬ﺛﻢﻭﻻﺩﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﺬﻜﻫﺍ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺍﻋﺘﻘﺪﻭﺍ ﺃﻥ ﻧﻬﺮ ﺍﻟﻨﻴﻞ‬
‫ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻛﺎﻥ ﻳﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﻟﻘﺪ ﻋﺎﺵ ﺃﺪﺟﺍﺩﺎﻧ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ‬
‫ﻟﻠﻨﻴﻞ ﻭﺑﻨﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺪﻧﻬﻢ ﻭﻗﺮﺍﻫﻢ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻛﻦ ﻭﻣﻌﺎﺑﺪ‪ 2،‬ﺣﻴﻦ ﺧﺼﺼﺖ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‬
‫‪ 2‬ﺃﺐﻠﻏ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﻟﻠﺠﺒﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺰﺍﺧﺮﺓ ﺑﺎﻷﻫﺮﺍﻡ ﻭﺍﺎﻘﻤﻟﺮﺑ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺑﺪ ﺍﻟﺠﻨﺎﺰﺋﻳﺔ ﻭﻗﺮﻯ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ‬

                                                                                      ‫ﻭﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺣﺪﺙ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺮﺧﺓ ﻛﻨﺘﻴﺠﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﻮﺭ‬
‫ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻮﻥ ﻣﻦ ﺧﻻﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺍﻫﺒﺔ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻭﺍﻟﺪﻑﺀ ﻭﺍﻟﻨﻤﺎﺀ ﻭﻣﻦ ﺧﻻﻝ ﻣﻻﺣﻈﺘﻬﻢ ﻟﺸﺮﻭﻕ‬
‫ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺧﻠﻒ ﺍﻟﻬﻀﺎﺏ ﺍﺮﺸﻟﻴﻗﺔ (ﺃﻭ ﻭﻻﺩﺗﻬﺎ) ﻭﻏﺮﻭﺑﻬﺎ ﺧﻠﻒ ﺍﻟﻬﻀﺎﺏ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ (ﺃﻭ ﻭﻓﺎﺗﻬﺎ)‬
‫ﻭﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻫﻢ ﺃﻳﻀ ًﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﻨﻴﺮﻷﻭﻟﺌﻚ ﺍﻷﺑﺮﺍﺭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺭﺣﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻵﺧﺮ‪.‬ﻉ ﺭﺣﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﻠﻴﻠﻴﺔ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﻋﺒﺮ ﺳﻤﺎﺀ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻭ ﻋﺎﻟﻢ ﺁﺮﺧ‪ .‬ﻭﻟﻘﺪ ﺃﻭﺣﺖ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺃﻳ ًﻀﺎ ﻟﻠﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ‬
‫ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻫﺬﻩ ﺣﻴﺚ ﺗﻮﻟﺪ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﺧﺎﻓﺘﺔ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ﺧﻠﻒ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻟﺘﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺫﺭﻭﺗﻬﺎ‬
‫ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺛﻢ ﺗﺒﺪﺃ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﺨﻔﻮﺕ ﻟﺘﻐﺮﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﺧﻠﻒ ﺍﻟﻬﻀﺎﺏ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻌﻮﺩ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ‬
‫‪ 2‬ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﺘﺠﺪﺩﺓ ﺑﺎﻋﺜﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ‪ .‬ﻛﺬﻟﻚ ﻻﺣﻈﻮﺍ ﺃﻥ ﻓﻴﻀﺎﻥ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﻳﺄﺗﻲ ﻛﻞ ﻋﺎﻡ‪ 2‬ﻣﻮﻋﺪ‬
‫ﻦﻴﻌﻣ‪ ،‬ﻳﻐﻤﺮ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻴﺎﺑﺴﺔ ﻭﻳﺒﻌﺚ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﺘﻤﺘﻠﻰﺀ ﺑﺎﻟﺨﻀﺮﺓ ﻭﺍﻟﻨﻤﺎﺀ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﺠﻒ‬

                                                           ‫ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺣﺘﻰ ﻓﻴﻀﺎﻥ ﺃﺧﺮ ﻭﻫﻜﺬﺍ‪.‬‬
‫ﻭﻟﻘﺪ ﻇﻦ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻗﺪ ﻋﻤﻞ ﺟﺎﻫﺪﺍ ﻛﻲ ﻳﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺕ‪ 2‬ﺳﺒﻴﻠﻪ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ‬
‫ﺍﻟﺨﻠﻮﺩ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﺑﻨﻰ ﺃﻫﺮﺍﻡ ﺷﺎﻫﻘﺔ ﺍﻷﺭﺗﻔﺎﻉ ﻭﻣﻘﺎﺑﺮ ﻣﻨﺤﻮﺗﻪ‪ 2‬ﺍﻟﺼﺨﺮ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻟﻜﻲ‬
‫ﻳﺨﻔﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﺴﺪﻩ‪ ،‬ﻭﻟﻜﻲ ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺑﺘﻜﺮ ﺍﻟﺘﺤﻨﻴﻂ ﻛﻤﺎ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻤﻮﻣﻴﺎﻭﺍﺕ ﺑﺮﺩﻳﺎﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‬
‫ﻮﺤﺗﻯ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻳﺰ ﺍﻟﺠﻨﺎﺯﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻧﻬﺎ ﺳﻮﻑ ﺗﻤﺪﻩ ﺑﺎﻟﻐﺬﺍﺀ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻤﺎﺕ ﺃﻳﻀﺎً ﻛﻲ ﻳﻈﻞ‬
   58   59   60   61   62   63   64   65   66   67   68