Page 14 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 14

‫الفتح العربي فرصة للتنفيس عما أحسوا به من ألم ومرارة بعد زمن طويل من‬
‫الاضطهاد الديني ‪ ،‬ذاق فيها أقباط مصر جرعة مريرة تركت أثراً عميقاً في تاريخ‬
‫الكنيسة المصرية‪ .‬وقد اعترف حنا النقيوسي في صراحة بأن انتصار العرب إنما جاء‬
‫نتيجة لما حل بأقباط مصر من عسف واضطهاد على عهد الإمبراطور هرقل ‪ ،‬ونائبه‬

                                   ‫في حكم مصر وهو البطريرك قيرس (المقوقس)‪.‬‬

‫وفني ضنوء هنذه الحقيقنة نسنتطيع أن نفسنر السنهولة النسنبية والسنرعة الواضنحة‬
‫التي تم بها الفتح العربي لبلد كبينر مثنل مصنر ‪ ،‬لاسنيما إذا لاحظننا أن جنيش عمنرو بنن‬

                                   ‫العاص لم يتجاوز بضعة آلاف قليلة من المقاتلين‪.‬‬

‫سنار عمنرو بنن العناص سننة‪18‬هنـ ‪ 639 /‬م منن قيسنارية علنى شناطئ فلسنطين‬
‫متجهناً إلنى العنريش حينث احتفنل منع جننده بعيند الأضنحى‪ .‬ومنن العنريش قصند الفرمنا‬
‫ومنها إلنى بلبنيس فنأم دننين شنمالي حصنن بنابليون حينث كنان البيزنطينون قند تحصننوا‬
‫وحشندوا قنواهم بهنا‪ .‬ويبندو أن عمنرو بنن العناص أحنس عندئنذ بقندر منن المقاومنة لنم‬
‫يعهده منذ دخوله أرض مصر ‪ ،‬فأرسل إلى الخيفة عمر بن الخطاب مسنتنجداً ‪ ،‬وعندئنذ‬

               ‫أمده الخليفة بأربعة آلاف مقاتل فيهم رجال الواحد منهم بألف رجل ‪.‬‬

‫وكان أن أحس تيودور القائد العنام للجينوش البيزنطينة فني مصنر بنأن الخطنر النذي‬
‫يواجهه ليس مجرد يارة من تلك الإيارات التي إعتادت البلاد أن تتعرض لها بين حنين‬
‫وآخر‪ ،‬فحشد قواه وضاعف جهوده للدفاع عن حصن بابليون ‪ ،‬الأمر الذي جعنل العنرب‬
‫يقضون بضعة أشهر في حصاره‪ .‬وعندما طال القتال حاول المقوقس الوصنول إلنى حنل‬
‫مع المسلمين ‪ ،‬فدارت مفاوضات بين الطرفين ‪ ،‬لجأ الروم فيها إلى الجمنع بنين أسنلوب‬
‫التهديد والترييب فقالوا للعرب قد أقمنتم بنين أظهرننا أشنهراً وأننتم فني ضنيق وشندة‬
‫منن معاشنكم وحنالكم ‪ ،‬ونحنن ننرق علنيكم لضنعفكم وقلنتكم وقلنة منا بنين أينديكم‪ .‬ونحنن‬
‫نطيب أنفسنا أن نصالحكم على أن نعرض لكل رجنل مننكم ديننارين ديننارين ‪ ،‬ولأمينركم‬
‫مائة دينار ولخليفتكم ألف دينار ‪ ،‬فتقبضونها وتنصرفون إلى بلادكم قبنل أن يغشناكم منا‬
‫لا قوام لكم به ‪ .‬ولكن عمرو بن العاص ترك للروم اختيار حل منن ثلاثنة – لا رابنع لهنا‬

                               ‫– إما الدخول في الإسلام ‪ ،‬وإما الجزية ‪ ،‬وإما القتال‪.‬‬

‫وفي خلال المفاوضات التي دارت بين المقنوقس والعنرب ‪ ،‬أدرك المقنوقس إصنرار‬
‫العنرب علنى تحقينق يرضنهم وعندم اسنتعدادهم المسناومة ‪ ،‬فاضنطر إلنى الاستسنلام ‪،‬‬
‫ووافق علنى مبندأ دفنع الجزينة ‪ ،‬وبنذلك تسنلم العنرب حصنن بنابليون وأشنرفوا منن ذلنك‬
‫الموقع الحربني الفريند علنى منربط النوجهين البحنري والقبلني‪ .‬ثنم إن المقنوقس اشنترط‬

                                                                         ‫شرطين‪:‬‬

                                              ‫‪14‬‬
   9   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19