Page 51 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 51

‫قيام الدولة الإخشيدية‬
                       ‫‪.................................‬‬

       ‫مصر بين العباسيين في المشرق والفاطميين في المغرب (‪:)11‬‬

‫نجح محمد بن سليمان الكاتب قائد جيوش الخلافة العباسية في القضاء على‬
‫الدولة الطولونية سنة ‪ 292‬هـ ‪905 /‬م ‪ ،‬فأحرق عاصمتهم القطائع بحيث لم يسلم‬
‫منها سوي جامع أحمد بن طولون ‪ ،‬وقب على بني طولون وكبار أتباعهم وساقهم‬

                                                            ‫جميعاً أمامه إلى بغداد‪.‬‬
‫ولاشك في أن المصريين أسفوا أسفاً عميقاً لتلك النهاية المؤلمة التي انتهت إليها‬
‫دولة الطولونيين ‪ ،‬إذ مهما يقال في أصل الطولونيين وفي أنهم من ناحية الدم أيراب‬
‫عن البلاد ‪ ،‬فإنه يكفي أنهم حكموا مصر حكماً مستقلاً وأن إدارتهم كانت نابعة من‬
‫جوف البلاد لا من أوامر صادرة إليهم من دار الخلافة ببغداد‪ .‬هذا إلى ما تمتعت به‬
‫مصر في عصر الطولونيين من ازدهار حضاري وانتعاش اقتصادي‪ .‬حقيقة إن الجزء‬
‫الأكبر من ثروة البلاد فاز به الحكام ومواليهم ‪ ،‬ولكنهم كانوا ينفقون تلك الأموال داخل‬
‫البلاد فيعم الخير المواطنين جميعاً‪ .‬وشتان بين هذا الوضع وبين ما دأب عليه الولاة‬
‫العباسيون من استنزاف موارد البلاد لإرسالها كل سنة إلى مقر الخلافة في بغداد أو‬

                                                                         ‫سامراء‪.‬‬
‫هذا إلى أن عودة الحكم العباسي المباشر إلى مصر جاء فيما يبدو مصحوباً بروح‬
‫التشفي والانتقام ‪ ،‬فأساء رجال الخليفة العباسي إلى المصريين وامتهنوهم وتطرفوا‬
‫في معاملتهم ‪ ،‬ولعلهم أرادوا أن يعاقبوهم على استكانتم للطولونيين وتقبلهم لحكم بني‬
‫طولون ‪ ،‬بل إشادتهم به‪ .‬ويقول أبو المحاسن عن محمد بن سليمان – القائد العباسي‬
‫الذي قضى على دولة بني طولون – إن حكمه في أهل مصر كان بضرب أعناقهم‬
‫ويقطع أيديهم وأرجلهم جوراً ‪ ،‬وتمزيق ظهورهم بالسياط ‪ ،‬وصلبهم على جزوع النخل‬

       ‫(‪ )11‬د‪ .‬سنعيد عبند الفتناح عاشنور‪ :‬مصنر فني العصنور الوسنطى – دار النهضنة‬
                             ‫العربية – القاهرة عام ‪1986‬م ‪ ( ، 131 ،‬بتصرف ) ‪.‬‬

                                              ‫‪51‬‬
   46   47   48   49   50   51   52   53   54   55   56