Page 121 - merit 49
P. 121
نون النسوة 1 1 9
الأم سائلة إياها :لماذا لا تحبها؟ أو أ َّنها ليست أمها
بالتأكيد ،وربما تمادت أكثر بالتعبير عن سخطها
بكلمة متكررة وعنيدة (باكرهك ..باكرهك) وغالبًا
ما يتطوع أحد بالتدخل ل ُيعلمها الأدب»( ،)13وهنا
تتضح الأزمة عندما تصبح الأم مصد ًرا لذلك
القلق النفسي الذي بات هاج ًسا تتوقع ُه هند في أية
لحظة ما دامت تسكن هذا البيت «تعرف هند أن
أمها إذا استيقظت بهذا الأرق ،فإن انفجا ًرا وشي ًكا
سيحدث ،وستكون هي -باعتبارها البنت الوحيدة-
ضحيته»(.)14
لم تكن هند مجرد طفلة عابرة ،وهذا ما حاولت
الكاتبة التعبير عنه ،إذ تتشكل ميول ورغبات الفرد
بحسب وعيه وطموحاته الأولى ،وهنا يتشكل
البعد النفسي الذي أرادت إيصاله بأن من الصعب
إخضاع الفرد -لاسيما في بداية نشأته -لبعض
التقاليد ،وإلا حدثت تلك الأزمة في الشعور بالهوية،
بد ًءا من البيت بوصفه الحضن الأول ،وصو ًل
إلى ما سيؤول إليه هذا السلوك من غرب ٍة نفسية
ينتج عنها غربة مكانية أسرية واجتماعية ،ومن
ثم وطنية ،وهذا يتعارض مع ما تتبنا ُه الأسرة
على نح ٍو عام ،والأم على نح ٍو خاص ،هنا في هذا
العمل الروائي ،م َّما سبب لشخصية هند تلك الأزمة
ودفعها إلى التم ُّرد حتى قررت الهجرة ما إن كبرت،
بحثًا عن الخلاص ،هرو ًبا من واقعها الذي ابتدأ مع
الأم ومحاولة تربية البنت على مزاجها وأفكارها،
إلا أن هند رفضت كل تلك المحاولات «لكن برغم
كل محاولات الترويض تلك لم تكن هند قادرة
على أن تكون -كما اشتهت الأم -راضية وحمو ًل
ومطيعة»(.)15
لا مفر من الأمكنة وأث ِرها في أزمة الهوية والشعور
بالانتماء ،فالمكان يفر ُض سطوته بشك ٍل أو بآخر،
إلا أن مكان الطفولة يكون المسؤول الأول عن
تحديد تلك الطبيعة ،لتتشكل أولى بوادر السلوك
النفسي سلبًا أو إيجا ًبا بما يحق ُق الاستقرار
ومحاول ِة تعويض ذلك النقص ،وما م َّرت به (هند)
في طفولتها كان سببًا في سلوكياتها التي عاشتها
باضطراب ،لاسيما أ َّنها لم تجد هويتها المكانية
والنفسية حتى بعد زواجها «كان كل ما يهم هند
في حياتها الزوجية القصيرة هو تلك الحقيقة التي