Page 118 - merit 49
P. 118

‫العـدد ‪49‬‬        ‫‪116‬‬

                                                            ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬  ‫د‪.‬نوفل حمد خضر‬

                                                                                      ‫(العراق)‬

         ‫سطوة المكان وأزمة‬
‫الهوية‪ ..‬في رواية «بروكلين‬

   ‫هايتس» لميرال الطحاوي‬

    ‫(المكان) كما يصفه افلاطون عندما ع َّده «حاو ًيا‬          ‫حضور الإنسان بالمكان ارتبا ًطا مباش ًرا‬           ‫يرتبط‬
   ‫للشيء وقاب ًل له»(‪ ،)2‬فالمكان يمن ُح الفرد معايير‬          ‫وفاع ًل‪ ،‬وهذا الارتباط يحد ُث على وف ِق‬
‫ومقومات ُتسهم في تحديد تلك الهوية‪ ،‬فيكون عام ًل‬
  ‫مه ًّما في تحديدها‪ ،‬كون الهوية مفهو ًما « ُيطلق على‬           ‫معطيات وعوامل مؤثرة‪ ،‬فتجعل منه‬
     ‫نسق المعايير التي تحدد الفرد و ُيعرف بها»(‪.)3‬‬            ‫ارتبا ًطا ايجابيًّا أو سلبيًّا يمن ُح الإنسان‬
   ‫على وف ِق ما تبيَّ َن من علاق ٍة وارتباط وتماهي في‬         ‫طبيعت ُه وتوجهات ُه وفلسفت ُه ومنهج ُه في‬
  ‫تلك الثنائية بين المكان والهوية التي تمث ُل حضور‬
                                                                ‫هذه الحياة‪ ،‬ومدى شعوره بالانتماء‬
    ‫الإنسان بايولوجيًّا وسايكولوجيًّا وأيديولوجيًّا‪،‬‬
    ‫فالإنسان ينتمي للمكان على قدر إدراكه وفهمه‬                ‫وتحديد هويته الرسمية والفكرية والثقافية ‪-‬وفي‬
  ‫وتق ُّبل ِه لمعطيا ِت ذلك المكان‪ ،‬وهنا تكم ُن الأهمية في‬
   ‫تحديد صاحب التأثير في تلك المعادلة والحضور‬                ‫مجا ٍل معي ٍن‪ -‬الشكلية‪ ،‬فتتحدد أهميت ُه «في صياغة‬
                                                                 ‫الكائن سوا ًء على مستوى الأفكار‪ ،‬التصورات‪،‬‬
 ‫الفاعل‪ ،‬ولأ َّن المكان لا يمتلك الماهية سوى الوجود‬
    ‫والحضور المادي‪ ،‬فيكون الإنسان هو المسؤول‬                ‫السلوك‪ ،‬العادات‪ ،‬التقاليد‪ ،‬وحتى على مستوى اللون‬

        ‫المباشر سواء كان المسبب أو المتأثر في ذلك‬                ‫وبعض الملامح التي تلا َحظ على الجسد فتميز ُه‬
                                                               ‫عن غي ِره‪ ،‬فتجعل من أبناء البيئة الواحدة صفات‬
                                                             ‫مشتركة»(‪ ،)1‬لذا تأتي هوية الفرد محصل ًة لما يدو ُر‬
                                                              ‫وينتج ويحد ُث داخل هذا الاطار أو الوعاء المسمى‬
   113   114   115   116   117   118   119   120   121   122   123