Page 159 - merit 49
P. 159

‫حول العالم ‪1 5 7‬‬

       ‫الشبحية إلى نصوص‬           ‫راكد ومتخلف(‪ .)3‬أن يقوم‬         ‫على جثت الذين سبقوه‪،‬‬
 ‫مستقلة بذاتها تنافس النص‬      ‫المنفلوطي بعمل غير مسبوق‬         ‫أو لعله يترجم قو ًل للناقد‬
                                                             ‫الأمريكي هارولد بلوم حينما‬
    ‫الأصلي حقه الشرعي في‬            ‫في تاريخ الترجمة‪ ،‬وأن‬       ‫يعلن بأن كل شاعر يعتقد‬
   ‫الوجود‪ ،‬وهكذا سعى بكل‬           ‫يكتب‪ /‬يترجم نصوصه‬          ‫بأنه آدم في ساعات الصباح‬
  ‫ما أوتي من قوة إلى جعلها‬        ‫ضمن بيئة ثقافية مغايرة‬       ‫الباكرة‪ ،‬يحمل الوجود على‬
 ‫تحافظ على وجودها الباهت‪،‬‬       ‫يعني تجاوز كل المواضعات‬         ‫منكبيه ويسطر خفاياه في‬
  ‫أي أنها لا يمكنها بأي حال‬    ‫الجناسية التي تراعي الحدود‬       ‫سجل هو وحده من يملك‬
   ‫من الأحوال أن تتفوق على‬
   ‫النص‪ ،‬نصه هو‪ ،‬وإذا كان‬             ‫بين النص وترجماته‪،‬‬          ‫مفتاح مغاليقه‪ .‬لا يقدم‬
  ‫لا بد من ضرورة للترجمة‬            ‫بين مالك النص المحتمل‬         ‫المنفلوطي نظرية جديدة‬
 ‫فعلى أن تكون تحت إشرافه‬                                         ‫في الترجمة‪ ،‬كما أنه ‪-‬في‬
                                      ‫ومترجميه أو أشباحه‬      ‫اعتقادنا‪ -‬غير معني بتقديم‬
              ‫الشخصي(‪.)5‬‬                        ‫المحتملين‪.‬‬   ‫مهاد نظري يبرر سر مقتربه‬
                                                                ‫في نقل هذه النصوص إلى‬
‫الترجمة بين السلطة‬               ‫لا يضير الترجمة أن تكون‬        ‫جمهور يخشى من رهاب‬
     ‫والمعرفة‬                   ‫حلقة لا متناهية من الكتابة‪،‬‬   ‫الآخر‪ .‬إن إشارة كيليطو في‬
                                 ‫مساع حثيثة للاقتراب من‬       ‫كتابه السالف الذكر إلى ولع‬
     ‫في كتاب يخاصر ما بين‬                                      ‫المنفلوطي باللباس الداخلي‬
   ‫الصرامة النقدية والرحابة‬          ‫دلالات النص المحتملة‪.‬‬   ‫الأوروبي هي أكثر من مجرد‬
                                 ‫ولعل رواية ميلان كونديرا‬        ‫دعابة عن سيماء التفاعل‬
       ‫الفكرية دون أن يخلو‬                                   ‫الثقافي؛ إنها بالأحرى إشارة‬
     ‫ذلك من درجة عالية من‬          ‫كتاب الضحك والنسيان‬         ‫إلى مدخل في مقاربة الآخر‬
     ‫السخرية‪ ،‬يرصد تيري‬         ‫تعيد إلى الأذهان هذا الطابع‬     ‫وتذليل الصعاب‪ ،‬النفسية‬
 ‫إيجلتون في كتابه مدخل إلى‬                                      ‫والوجدانية منها على وجه‬
    ‫النظرية الأدبية مفهومي‬           ‫الخاص بالترجمة‪ ،‬بما‬       ‫التحديد‪ ،‬أمام حلحلة واقع‬
     ‫الأدب والنقد وتطورهما‬        ‫هي فعل لا يكتمل إلا عبر‬
 ‫عبر صيرورة تاريخية تربط‬
      ‫الحاضر بالماضي دون‬             ‫سيرورة زمانية تراكم‬
     ‫أن تغفل عن استشراف‬        ‫الجهود والمحاولات للوصول‬
   ‫آفاق المستقبل(‪ .)6‬وإذا كان‬
‫إيجلتون معني في المقام الأول‬      ‫إلى الترجمة النهائية‪ .‬وهو‬
  ‫بالكشف عن تمظهرات هذا‬              ‫يسعى إلى ترجمة كلمة‬
  ‫المعنى عبر أشكاله المختلفة‪،‬‬       ‫‹‪ ،›Litost‬كلمة تشيكية‪،‬‬
     ‫بد ًءا من القرن السادس‬
      ‫عشر حيث كان مفهوم‬          ‫يصل الراوي‪ /‬الروائي إلى‬
    ‫الأدب يضم موشورا من‬          ‫استحالة تقديم مقابل لهذه‬
  ‫الأجناس تجمع بين الكتابة‬      ‫الكلمة في اللغات الأوروبية‪،‬‬
‫الإبداعية والدراسة التاريخية‬    ‫ويرى أن أفضل ما يمكن أن‬
     ‫والسياسة الاقتصادية؛‬        ‫يصل إليه المرء هو أمثلة أو‬
     ‫وصو ًل إلى نهاية القرن‬     ‫حالات ممكنة لهذه الكلمة(‪.)4‬‬
   ‫الثامن عشر وبداية القرن‬       ‫ولعل علاقة النص الأصلي‪،‬‬

                                   ‫أي نص أصلي‪ ،‬بترجماته‬
                                   ‫قد تكون هي علاقة هذه‬
                                 ‫الكلمة التشيكية بترجماتها‬
                                 ‫في اللغات الأوروبية‪ ،‬وهي‬
                                     ‫علاقة تشير إلى خشية‬
                                ‫كونديرا الدفينة بأن تتجسد‬
                                 ‫هذه الترجمات أو الكائنات‬
   154   155   156   157   158   159   160   161   162   163   164