Page 160 - merit 49
P. 160

‫من هذا المنطلق‪ ،‬يتحدث‬                                  ‫العـدد ‪49‬‬                            ‫‪158‬‬
    ‫إيجلتون عن جماعة «تيل‬
                                                                              ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬     ‫التاسع عشر‪ ،‬حيث تشكل‬
      ‫كيل» أو ما بات يعرف‬                                                                      ‫الأدب بمفهومه الحديث‬
  ‫بالبنيويين‪ ،‬وبعضهم تدرج‬           ‫يتحدث إيجلتون‬
‫ليصبح ما بعد بنيوي‪ ،‬وكيف‬            ‫عن جماعة "تيل‬                                            ‫ككائن مستقل بذاته‪ ،‬فإنه‬
                                     ‫كيل" أو ما بات‬                                            ‫يسعى إلى النظر إلى هذا‬
    ‫أنهم أبدعوا مفهوم البنية‬     ‫يعرف بالبنيويين‪،‬‬
 ‫وغرقوا في شرنقته‪« .‬أطفال‬            ‫وبعضهم تدرج‬                                            ‫المبنى في علائقه‪ ،‬ليس فيما‬
‫ماي ‪ »1968‬من قبيل ميشيل‬                                                                         ‫يخص أشكاله الكتابية‬
 ‫فوكو ورولان بارت وجوليا‬              ‫ليصبح ما بعد‬
                               ‫بنيوي‪ ،‬وكيف أنهم‬                                            ‫الأخرى ولكن الممكنات التي‬
     ‫كريستيفا وجاك ديريدا‬                                                                      ‫جعلت منه حد ًثا متحق ًقا‬
 ‫وفيليب سولر‪ ،‬ولأنهم كانوا‬           ‫أبدعوا مفهوم‬                                             ‫في المقام الأول‪ .‬لا يكتفي‬
 ‫يحلمون بالثورة على النظام‬        ‫البنية وغرقوا في‬
 ‫السياسي القائم‪ ،‬وعلى قيمه‬       ‫شرنقته‪ ،‬من قبيل‬                                            ‫الناقد الماركسي بالنظر إلى‬
                                                                                             ‫الشجرة الواحدة أو الغابة‬
     ‫الاستهلاكية‪ ،‬انتهى بهم‬            ‫ميشيل فوكو‬
‫المطاف إلى إحلال النص محل‬       ‫ورولان بارت وجوليا‬                                              ‫وقد تشابكت أغصانها‬
                                                                                               ‫وترامت عروشها فباتت‬
  ‫الدولة‪ ،‬اللغة وأحابيلها بدل‬       ‫كريستيفا وجاك‬                                            ‫ك ًّل متكت ًل يستعصي معه‬
‫السياسة وكواليسها‪ ،‬اقتصاد‬             ‫ديريدا وفيليب‬                                           ‫تبيان طوبوغرافيتها‪ ،‬كما‬
                                                                                           ‫أنه لا يقف مشدو ًها أمامها‪،‬‬
  ‫النص بدل اقتصاد السوق‪.‬‬         ‫سولر لأنهم كانوا‬                                         ‫فيستعين بـ»الإصغاء» سبي ًل‬
‫هكذا توالت مقولات ستصبح‬        ‫يحلمون بالثورة على‬                                           ‫للكشف عن مكنوناتها‪ ،‬كما‬
 ‫لزا ًما مرادفات للفعل النقدي‬                                                                ‫فعل في سياق آخر مارتن‬
                                   ‫النظام السياسي‬                                              ‫هايدغر وهو يصغي إلى‬
    ‫من قبيل «موت الكاتب»‪،‬‬                      ‫القائم‪.‬‬                                    ‫الغابة السوداء لربط الموجود‬
   ‫«نهاية الحكايات الكبرى»‪،‬‬                                                               ‫بالوجود‪ ،‬ولكنه وهو يصغي‬
‫«موت المجتمع الاستهلاكي»‪،‬‬              ‫عبد الفتاح كيليطو‬                                     ‫للغابة‪ ،‬ويرهف السمع‪ ،‬لا‬
  ‫وسيصبح النص ‪-‬والنص‬                                                                          ‫يني ينظر إلى الغابة‪ ،‬وفي‬
                                                                                             ‫الغابة وإلى ما وراء الغابة‪.‬‬
      ‫وحده‪ -‬فضا ًء للصراع‬                                                                   ‫وظيفة النقد‪ ،‬والناقد لزا ًما‪،‬‬
 ‫السياسي‪ .‬سيشيخ الأطفال‬                                                                   ‫حسب إيجلتون‪ ،‬تكمن أسا ًسا‬
  ‫ومنهم من استطاب العيش‬                                                                      ‫في نسج العلاقات‪ ،‬والنظر‬
                                                                                              ‫إلى الثلثين المطمورين من‬
      ‫في رحاب النص‪ ،‬فبات‬                                                                    ‫الجبل الثلجي‪ .‬وكل ما عدا‬
‫يصدر مواقف تبرر الحملات‬                                                                        ‫ذلك سينتج كتابة نقدية‬
                                                                                               ‫تكتفي بذاتها‪ ،‬فتدفع إلى‬
   ‫الاستعمارية الجديدة التي‬                                                                    ‫الوجود بكائنات تتخلق‬
 ‫تدار تحت مسميات جديدة‪،‬‬                                                                      ‫من ذاتها‪ ،‬تكون في أفضل‬
                                                                                            ‫الحالات صورة مبذولة عن‬
   ‫كجوليا كريستيفا مث ًل‪ .‬و‬                                                               ‫فقيه من «فقهاء الظلام» لدى‬
  ‫لأن الكتابة الأدبية بالنسبة‬                                                              ‫سليم بركات‪ ،‬كائنات شائهة‬
   ‫لإيجلتون هي بنت زمانها‬                                                                  ‫تضيف إلى ولادتها‪ /‬موتها‪،‬‬
  ‫ومكانها‪ ،‬فإنها تشكل حالة‬
  ‫خاصة تعكس جملة علائق‬                                                                                 ‫هجانة الأصل‪.‬‬

    ‫تمنحها عنصر ْي التمايز‬
‫والافتراق عما سبقها‪ ،‬وتؤكد‬
 ‫على راهنيتها وقولها المرتهن‬
   155   156   157   158   159   160   161   162   163   164   165