Page 164 - merit 49
P. 164

‫العـدد ‪49‬‬                            ‫‪162‬‬

                               ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬                         ‫الرسمية ما بين ‪-1835‬‬
                                                                     ‫‪ :1848‬بعد فترة من‬
 ‫و»ماجدولين‪ »،‬وغيرهما من‬           ‫المشتغلين بالكلية بمرافق‬
 ‫الأعمال التي تطفح بمشاعر‬                ‫الوزارات الأخرى‪.‬‬        ‫التذبذب والاعتباطية التي‬
   ‫جياشة‪ ،‬وقصص عاطفية‪،‬‬                                         ‫شابت عملية الترجمة‪ ،‬عمد‬
 ‫يلاحظ بأن الشيخ الأزهري‬         ‫إحياء عملية الترجمة‪ :‬نظ ًرا‬
                               ‫لنشأته في أوروبا ووعيًا منه‬       ‫محمد علي إلى خلق جهاز‬
    ‫كان يتحرك بأريحية بين‬                                      ‫للترجمة ووضع على رأسه‬
    ‫البيئات المختلفة‪ ،‬ويصف‬        ‫بالحاجة الماسة إلى اللغات‬   ‫من يتحمل مسؤوليته‪ .‬هكذا‬
 ‫المواقف المختلفة لشخصياته‬         ‫الأوروبية في إحداث نقلة‬    ‫انطلقت هذه المبادرة بتدشين‬
‫دون أن يخلو ذلك من تدخله‪،‬‬      ‫نوعية في علاقة مصر بالدول‬
                               ‫الأوربية‪ ،‬كان إسماعيل باشا‬        ‫كلية الترجمة سنة ‪1835‬‬
      ‫المرة تلو المرة‪ ،‬بنفحات‬      ‫منشغ ًل بإحياء الاهتمام‬        ‫في القاهرة‪ .‬وبعد مرور‬
  ‫أخلاقية أو توجيهات دينية‬      ‫باللغة الفرنسية‪ ،‬وهكذا أعاد‬
 ‫أو التعليق على مواقف رواة‬      ‫فتح أبواب كلية اللغات سنة‬       ‫سنتين على ذلك‪ ،‬تم تعيين‬
                                   ‫‪ ،1868‬وتم تنظيم عملية‬       ‫رفاعة الطهطاوي على رأس‬
       ‫أو شخوص قصصه‪.‬‬               ‫الترجمة وتحديد وجهات‬
                                   ‫أخرى لها‪ .‬ومع أن دماء‬          ‫هذه المؤسسة‪ .‬كان عدد‬
  ‫ميلان كونديرا‪..‬‬                 ‫جديدة ضخت في شرايين‬          ‫الأعمال المترجمة ونوعيتها‬
  ‫صائدا للأشباح‬
                                      ‫الترجمة‪ ،‬فإن الأعمال‬        ‫عظي ًما‪ ،‬حيث لم يقتصر‬
  ‫في كلمته الافتتاحية للترجمة‬  ‫المترجمة توزعت بين الأعمال‬     ‫عمل الترجمة على الطلبة‪ ،‬بل‬
     ‫الإنجليزية لرواية «كتاب‬                                  ‫تعداه إلى أساتذتهم‪ .‬ومع أن‬
                                 ‫العسكرية والنصوص ذات‬
   ‫الضحك و النسيان‪ »،‬يكتب‬           ‫الطبيعة القانونية‪ ،‬حيث‬      ‫هذه المرحلة شكلت الفترة‬
  ‫ميلان كونديرا الآتي‪ُ « :‬كتب‬                                   ‫الذهبية للترجمة‪ ،‬فإنها لم‬
                                  ‫شهدت هذه الفترة ترجمة‬        ‫تعمر طوي ًل لكونها ارتبطت‬
     ‫كتاب الضحك والنسيان‬          ‫مؤلفات قانونية وتجارية‪.‬‬        ‫بمصير محمد علي‪ ،‬الذي‬
 ‫باللغة التشيكية ما بين سنتي‬       ‫كما تميزت هذه الفترة –‬        ‫واكبت نهاية عهده نهاية‬
                                  ‫أي ًضا‪ -‬برغبة متنامية من‬    ‫طموحاته بالنسبة لمصر بعد‬
  ‫‪ 1976‬و‪ .1978‬وبين ‪1985‬‬        ‫جانب الفئات المثقفة في العالم‬    ‫أن تولى عباس الأول حكم‬
      ‫و‪ ،1987‬قمت بمراجعة‬
     ‫الترجمات الفرنسية لكل‬         ‫العربي لتنقل إلى القارئ‬                        ‫مصر‪.‬‬
                                  ‫العربي مظاهر من الآداب‬            ‫اندحار عملية الترجمة‬
    ‫رواياتي وقصصي بشكل‬                                            ‫الرسمية ما بين ‪-1849‬‬
      ‫جوهري وكامل‪ ،‬بحيث‬               ‫والفنون الأوربية(‪.)12‬‬         ‫‪ :1863‬نظ ًرا للسياسة‬
                                ‫من هنا‪ ،‬وفي ضوء ما سبق‪،‬‬            ‫التقشفية لعباس الأول‬
   ‫تمكنت من أن أضيف إليها‪،‬‬                                        ‫ولسعيد باشا من بعده‪،‬‬
 ‫في الطبعات الجديدة اللاحقة‪،‬‬      ‫لم يكن مشروع المنفلوطي‬          ‫تراجعت حركة الترجمة‬
 ‫ملاحظة تؤكد بأن الترجمات‬        ‫(‪ ،)1926 -1876‬كما يبدو‬         ‫في مصر حيث أغلقت كلية‬
 ‫الفرنسية لهذه الأعمال تطابق‬     ‫لي‪ ،‬نق ًل لنصوص فرنسية‬            ‫الترجمة أبوابها رسميًّا‬
                                 ‫حتى يتعرف عليها القارئ‬       ‫سنة ‪ ،1851‬ولم تفتح الكلية‬
   ‫تما ًما النصوص التشيكية‪.‬‬    ‫العربي فحسب‪ ،‬ولكنه تعدى‬         ‫أبوابها إلا سنة ‪ 1868‬بأمر‬
   ‫إن تدخلي على مستوى هذه‬                                       ‫من إسماعيل باشا‪ .‬تميزت‬
‫الترجمات الفرنسية لم يترتب‬          ‫ذلك إلى تذليل العقبات‪،‬‬     ‫هذه الفترة بقلة الترجمات‪،‬‬
                                   ‫وتهيئة بيئة حاضنة لهذا‬       ‫وإن اتخذت طابع الترجمة‬
      ‫عليه تغيير على مستوى‬          ‫المنجز الحضاري بتعدد‬             ‫الرسمية‪ ،‬وتم إلحاق‬
   ‫نصوصي الأصلية‪ .‬لعل ما‬
‫حذا بي للقيام بذلك هو رغبتي‬           ‫ألوانه وأشكاله‪ .‬ولعل‬
    ‫في توخي الدقة‪ .‬لقد غدت‬        ‫العارف بأعمال المنفلوطي‬
  ‫الترجمات الفرنسية‪ ،‬يمكننا‬      ‫من قبيل «فرجينيا وبول‪»،‬‬
   159   160   161   162   163   164   165   166   167   168   169