Page 161 - merit 49
P. 161

‫حول العالم ‪1 5 9‬‬

‫تيري إيجلتون‬  ‫سفوس آي رينتيرت‬  ‫إبراهيم أبو لغد‬                 ‫إلى حاضرها‪ .‬غير أنها وهي‬
                                                                  ‫تمارس عملها ذاك‪ ،‬فهي‬
 ‫جوهان جورج موسيل في‬            ‫حيث نقلت نماذج أوربية‬            ‫لا تفتأ تتراوح بين وضع‬
   ‫كتاب تحت عنوان «مادة‬           ‫رافدة إياها بتفوق على‬          ‫مرآوي حق يترجم واق ًعا‬
   ‫حول الإحصائيات»‪ .‬هذا‬
 ‫الكتاب الصادر في إنجلترا‬     ‫مستوى الصناعة والتجارة‬             ‫محايثًا‪ ،‬ووضع شاحب لا‬
   ‫في مؤلف واحد صدر في‬              ‫والاقتصاد‪ ،‬وبالتالي‬       ‫يعكس الواقع إلا لطمسه‪ ،‬ولا‬
‫ترجمة فرنسية في جزئين‪،‬‬
‫وفي ترجمة إيطالية في ثلاثة‬     ‫استطاعت أن تحقق سب ًقا‬           ‫يرفع مراياه إلا لتقعيره أو‬
 ‫أجزاء‪ ،‬ليعود في الأخير في‬     ‫اقتصاد ًّيا وسياسيًّا قيا ًسا‬   ‫تحديبه‪ .‬لا يشتغل إيجلتون‬
    ‫ترجمة ألمانية لاحقة إلى‬
 ‫حجمه الأصلي ويصدر في‬            ‫بمنافسيها الأوربيين(‪.)7‬‬            ‫كثي ًرا أو قلي ًل بمفهوم‬
‫جزء واحد‪ ،‬بعد مرور قرن‬          ‫غير أن هذه العملية التي‬         ‫الترجمة في مؤلفه السالف‬
    ‫من الزمن على صدوره‬        ‫تسعى إلى الترجمة والحذو‬          ‫الذكر‪ ،‬لكن الترجمة بما هي‬
 ‫باللغة الإنجليزية‪ ،‬دون أن‬       ‫بنماذج أخرى قابله على‬
‫تقتصر ولا واحدة من هذه‬         ‫المستوى الأوروبي عملية‬             ‫عملية محاكاة واقتباس‪،‬‬
  ‫الترجمات الأوروبية‪ ،‬كما‬     ‫ترجمة واسعة‪ ،‬وخصو ًصا‬                  ‫إصغاء رهيف لنبرات‬
 ‫يورد سوفيس راينر‪ ،‬فقط‬          ‫للكتب‪ /‬المفاتيح في مجال‬
  ‫على الأصل الإنجليزي(‪.)8‬‬     ‫الاقتصاد‪ .‬ولعل أحد الكتب‬          ‫الأوائل أو المجايلين‪ ،‬شكل‬
                                ‫التي لم يلتفت إليها كثي ًرا‬    ‫للكتابة ضمن أشكال الكتابة‬
      ‫فقد كانت كل ترجمة‬      ‫مفكرو الاقتصاد السياسي‪،‬‬
     ‫ترجم ًة جديدة لأخرى‬     ‫والذي عرف ترجمات عديدة‬              ‫الأخرى‪ ،‬تبقى مخيمة على‬
 ‫سبقتها‪ ،‬وكانت التعديلات‬     ‫إلى لغات أوروبية‪ ،‬هو كتاب‬        ‫عمله‪ ،‬وتشكل بالتالي الأقمطة‬
   ‫والتغييرات التي تلحقها‬       ‫رجل التجارة الإنجليزي‬
                                                                ‫المرجعية التي تؤطر العمل‬
                                  ‫جون كاري من مدينة‬                  ‫وتمنحه حق الوجود‪.‬‬
                             ‫بريستول‪ ،‬والذي يشير إليه‬
                                                                   ‫وإذا كانت مادية العمل‪،‬‬
                                                                  ‫أو دنيويته كما قال بذلك‬
                                                                 ‫الراحل إدوارد سعيد‪ ،‬هي‬
                                                                ‫ما يعني إيجلتون في المقام‬
                                                               ‫الأول‪ ،‬فإن كاتبًا آخر حاول‬
                                                              ‫أن يربط فعل الترجمة بعجلة‬
                                                                 ‫الاقتصاد ويجعلها محر ًكا‬
                                                                ‫لعملية التمدد الاستعماري‬
                                                                  ‫وانبساطه الإمبريالي‪ .‬في‬
                                                               ‫كتابه ترجمة الإمبراطورية‪:‬‬
                                                                ‫المحاكاة وأصول الاقتصاد‬
                                                                 ‫السياسي‪ ،‬يبرز سوفيس‬

                                                                    ‫راينرت كيف أن السر‬
                                                                  ‫وراء تفوق الامبراطورية‬
                                                               ‫البريطانية على باقي الأقطار‬
                                                                 ‫الأوروبية‪ ،‬وبالتالي فرض‬
                                                               ‫النموذج البريطاني نموذ ًجا‬
                                                              ‫للاحتذاء بداية القرن التاسع‬
                                                                  ‫عشر‪ ،‬يكمن في انحيازها‬
                                                                 ‫لمبدأ التقليد بدل الابتكار‪،‬‬
   156   157   158   159   160   161   162   163   164   165   166