Page 184 - merit 49
P. 184

‫العـدد ‪49‬‬                             ‫‪182‬‬

                                 ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬                      ‫التجارة)‪ ،‬واختصت بالفصل‬
                                                                   ‫في المنازعات التجارية التي‬
     ‫كما اهت َّم محمد علي ببناء‬       ‫الأوروبيين ذوي الخبرة‬         ‫تنشأ بين الأهالي أو بينهم‬
    ‫الأسطول‪ ،‬فأنشأ ترسانة‬         ‫والدراية‪ ،‬واعتمد في ذلك على‬
  ‫في بولاق ثم في الإسكندرية‬                                      ‫وبين الأجانب‪ ،‬ولهذا دخل في‬
      ‫لصناعة السفن الحربية‬          ‫أحد ضباط جيش بونابرت‬        ‫تشكيلها ممثلون عن الاجانب‪.‬‬
   ‫والتجارية‪ .‬وانشأ معسك ًرا‬             ‫وهو الكولونيل سيف‬
    ‫لتعليم جنود البحرية على‬                                      ‫بناء القوة العسكرية‬
                                   ‫(أصبح اسمه سليمان باشا‬
      ‫الأعمال البحرية‪ .‬وأقام‬           ‫الفرنساوي بعد اعتناقه‬           ‫أدرك محمد علي أهمية‬
‫مدرسة على ظهر إحدى السفن‬                                           ‫القوة العسكرية في مختلف‬
                                   ‫الإسلام)‪ ،‬واستغرقت عملية‬
    ‫لإعداد الضباط البحريين‪،‬‬          ‫التدريب الأولى هذه ثلاث‬         ‫مظاهرها‪ .‬ومن هنا اتجه‬
    ‫ومستشفى لعلاج عساكر‬                                            ‫إلى بناء قوة عسكرية ذاتية‬
    ‫وضباط البحرية‪ .‬وأرسل‬           ‫سنوات تكونت بعدها الهيئة‬
   ‫البعثات من ضباط البحرية‬                 ‫الأولى من الضباط‪.‬‬          ‫نظامية بدي ًل عن الفرق‬
   ‫إلى فرنسا وإنجلترا لإتمام‬                                      ‫العسكرية غير النظامية التي‬
‫علومهم عمليًّا على ظهر السفن‬     ‫وبعد أن توفر العدد الكافي من‬
                                 ‫الضباط بدأ تدبير العدد اللازم‬     ‫تتكون من عناصر مرتزقة‬
          ‫الحربية الأوروبية‪.‬‬     ‫من الجنود وتنظيم صفوفهم‪.‬‬       ‫ومتمردة ومختلطة كانت سمة‬
     ‫أما فيما يتعلق بالأسلحة‬
    ‫والذخيرة‪ ،‬فقد بذل محمد‬           ‫وتم تجنيد المصريين بعد‬        ‫العسكرية آنذاك‪ .‬وأصبحت‬
                                       ‫أن فشلت تجربة تجنيد‬        ‫هذه الفكرة أكثر الحا ًحا بعد‬
        ‫علي جهوده في إنشاء‬                                      ‫حروبه في الحجاز ضد «الدولة‬
   ‫مصانع للأسحلة في مصر‬          ‫السودانيين‪ .‬ومع اتساع دائرة‬    ‫السعودية‪ -‬الوهابية» (‪-1811‬‬
   ‫حتى يستغني عن استيراد‬            ‫التجنيد استقدم محمد علي‬
                                     ‫من فرنسا طائفة من كبار‬         ‫‪ ،)1818‬وكانت أول حرب‬
     ‫السلاح من الخارج‪ ،‬ولا‬          ‫الضباط ليعاونوه في تنظيم‬    ‫يخوضها تلبية لرغبة السلطان‬
    ‫يبقى قوة الدفاع المصرية‬        ‫الجيش‪ .‬كما أرسل عد ًدا من‬
  ‫تحت رحمة الدول الأجنبية‪.‬‬                                        ‫العثماني الذي كان يستشعر‬
    ‫وعلى هذا أقام ترسانة في‬      ‫شباب مصر إلى أوروبا لإتمام‬         ‫خطر الدعوة الوهابية على‬
                                    ‫دروسهم الحربية‪ ،‬وعندما‬           ‫نفوذه في البلاد العربية‪.‬‬
                                     ‫عادوا حلُّوا محل المعلمين‬
                                                                  ‫وحدثت أول محاولة لإعداد‬
                                  ‫الأجانب في المدارس الحربية‪.‬‬         ‫ضباط نظاميين للجيش‬
                                                                     ‫في ‪( 1815‬أثناء محاربته‬
‫ألسن عين شمس التي أنشأها رفاعة الطهطاوي باسم مدرسة المترجمين‬
                                                                ‫للوهابيين) عندما أمر بتدريب‬
                                                                ‫فرقة من الجنود التي اشتركت‬
                                                                ‫في تلك الحروب‪ ،‬إلا أن أفرادها‬

                                                                    ‫رفضوا الخضوع للتدريب‬
                                                                   ‫الحديث‪ ،‬وقد بلغ بهم الأمر‬
                                                                   ‫حد التآمر لخلع محمد علي‬
                                                                  ‫ومن ثم تراجع عن المحاولة‪.‬‬

                                                                     ‫ثم عاود المحاولة في عام‬
                                                                   ‫‪ 1820‬وافتتح مدرسة لهذا‬
                                                                   ‫الغرض في أسوان‪ ،‬استقدم‬

                                                                     ‫لها ضبا ًطا ومعلمين من‬
   179   180   181   182   183   184   185   186   187   188   189